للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلاَّ هَهُنَا لِلْخَبَرِ، وَلاَ يُلْحَقُ قَصْدُ الأُذُنِ عِنْدَ التَّسَمُّعِ بِهِ، وَلاَ يُرشَقُ النَّاظِرُ بالنُّشَابُ، وَلاَ يَجُوزُ قَصْدُ عَيْنِهِ إِنْ كَانَ لِلنَّاظِرِ حَرَمٌ فِي الدَّارِ وَلاَ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ امْرَأَةُ أَصْلاً، فَإِنْ كَانَتِ امْرَأَةٌ مُسْتَتِرَةٌ فَوَجْهَانِ، وَلوْ كَانَ البَابُ مَفْتُوحاً لَمْ يَجُزْ قَصْدُ عَيْنِهِ إِلاَّ بِالإنْذَارِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا نظر إلى حرم (١) إنسان في داره من كُوَّةٍ أو ثُقْبِ، أو صِيرَ بَابٍ، فنهاه صَاحِبُ الدار، فلم يَنْتَهِ، فرماه بحَصَاةِ ونحوها، فأصابت عينيه، فَأعْمَاهُ، أو أصاب قريباً من عينه، فجرحه، فلا ضَمَانَ، وإن سَرَى إلى النفس، خِلاَفاً لأبي حنيفة حيث قال: لا يجوز ذلك ويجب الضمان.

وفي كتاب القاضي ابن كَجٍّ عن مالك مثله.

لنا ما روي عن سَهْلِ بن سَعْدٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أن رجلاً اطلع من جحر في حُجْرَةِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومع النبي -صلى الله عليه وسلم- مِدْرَى يَحكُّ به رَأْسَهُ، فلما رآه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُنِي لَطَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنِكَ إنَّما جُعِلَ الاسْتِئْذَانُ من أَجْلِ البَصَرِ" (٢).

وعن أبي هريرة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لَوِ اطَّلَعَ أَحَد فِي بَيْتِكَ وَلَمْ تَأْذَنْ لَهُ فَخَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ، فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ مَا كَانَ عَلَيْكَ مِنْ جنَاحٍ" (٣).

وعن نصِّ الشَّافعي -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- "أنه لو ثبت المطلع، ولم يمتنع بعد رَمْيهِ بالشيء الخفيف، استغاث عليه صاحب الدَّارِ، فإن لم يكن في مَوْضِعِ غَوْثٍ أحببت أَن ينشده باللهِ تعالى، فإن لم يمتنع فله أن يَضْرِبَهُ بالسلاح، وَيَنَالَه بما يردعه، فإن أتى على نفسه، فلا عَقْلَ، ولا قَوَدَ، وإن لم يَنَل منه صَاحِبَ الدار عاقبه السلطان".

ولا فَرْقَ بين أن يكون وُقُوفُ الناظر في الشارع أو في سِكَّةِ منسدة الأسفل، أو في خالص ملْكِهِ إذ ليس للواقف في ملْكِهِ مدُّ البصر إلى حَرَمِ النَّاسِ.

وعن القاضي الحسين وجه ضعيف: أنه لا يقصد عينه إذا وَقَفَ في الشارع، أو في مِلْكِ نفسه، وإنما يقصد إذا وَقَفَ في مِلْكِ المنظور إليه، ويتعلق بالفصل (٤) صُوَرٌ مذكورة في الكتاب، وغير مذكورة:

إحداها: إنما يرمي عَيْنَهُ إذا قصد النَّظَرَ والتطلُّع، أما إذا كان مُخْطئاً، أو وقع بصره عليه اتِّفَاقاً، وعلم صَاحِبُ الدار الحال، فلا يرميه، فإن رَمَاهُ، وقال الناظر: لم


(١) في ز: حريم.
(٢) متفق عليه.
(٣) متفق عليه من حديثه، من رواية أبي الزناد عن الأعرج عنه، (تنبيه) قوله: خذفته، هو بالخاء المعجمة.
(٤) في ز: بالقصد.

<<  <  ج: ص:  >  >>