للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليأتي بأكمل الطهارات، وأما في الخبث فلما نستوفي من الخلاف.

قال الغزالي: ثُمَّ المِيَاهُ الطَّاهِرَةُ عَلَى ثَلاثَةِ أقْسَامٍ:

الْقِسْمُ الأَوَّلُ: المَاءُ المُطْلَقُ البَاقِي عَلَى أَوْصَافِ خِلْقَتِهِ فَهُوَ طَهُورٌ ومِنْهُ مَاءُ البَحْرِ وَمَاءُ البِئْرِ وَكُلَّ مَاءٍ نَبَعَ مِنَ الأَرْضِ أوْ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ.

قال الرافعي: قوله: "ثم المياه" يعني المياه الداخلة في هذا الباب - وهي الطاهرة وإنما انقسمت إلى ثلاثة أقسام، لأنها إما أن تبقى على أصل الخِلْقَةِ أو لا تبقى، وإن لم تَبْقَ فإما أن يخرج بما تغير من الصفات عن أن يسمى ماء مُطْلَقًا أو لا يكون كذلك.

الأول الباقي على أوصاف خِلُقتِهِ، فهو طَهُورٌ لوقوع [مطلق اسم] (١) الماء عليه، واندراجه تحت النصوص الآمرة باستعمال الماء، والمُجَوّزَةِ له. وقد ورد في ماء البحر قوله -صلى الله عليه وسلم-: "الْبَحْرَ هُوَ الطَّهُورُ ماؤه" (٢). وفي ماء البئر: "إنَّهُ تَوَضَّأَ مِنْ بِئْر بضاعَة" (٣).

فإن قلت: لم اعتبر الإطلاقُ مع البقاء (٤) على أصل الخِلْقَةِ حيث قال: "الماء المُطْلَقُ الباقي على أوصاف خِلْقَتِهِ فهو طهور"، ثم إذا اعتبر فكيف عُدَّ منه ماء البحر،


(١) في ز تقديم وتأخير.
(٢) رواه مالك والشافعي وأحمد والدارمي والأربعة والدارقطني والبيهقي والحاكم من رواية أبي هريرة قال الترمذي: حسن صحيح قال: وسألت البخاري عنه فقال حديث صحيح وصححه ابن خزيمة وابن حبان ورجح ابن منده صحته قال البيهقي في خلافياته: وإنما لم يخرجه الشيخان في صحيحيهما لأجل اختلاف وقع في اسم سعيد بن سلمة، والمغيرة بن أبي بردة. قال الحاكم ١/ ١٤٢ مثل هذا الحديث الذي تداوله الفقهاء في عصر الإمام مالك إلى وقتنا هذا لا يرد بجهالة هذين الرجلين. وهي مرفوعة عنهما بمتابعات فذكرها بأسانيد. قلت: وليسا بمجهولين. انظر خلاصة البدر المنير ١/ ٧. وقال ابن حجر في التلخيص تنبيه: وقع في بعض الطرق التي ذكرها الدارقطني أن اسم السائل عبد الله المدلجي، وكذا ساقه ابن بشكوال بإسناده وأورده الطبراني فيمن اسمه عبد، وتبعه أبو موسى فقال: عبد أبو زمعة البلوي الذي سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ماء البحر، قال ابن منيع بلغني أن اسمه عبد، وقيل اسمه عبيد بالتصغير، وقال السمعاني في الأنساب: اسمه العركي، وغلط في ذلك، وإنما العركي وصف له، وهو ملاح السفينة قال أبو موسى: وأورده ابن منده فيمن اسمه عركي، والعركي هو الملاح، وليس هو اسماً، والله أعلم. وقال الحميدي: قال الشافعي: هذا الحديث نصف علم الطهارة. انظر التلخيص ١/ ١٢.
(٣) رواه الشافعي وأحمد والثلاثة والدارقطني، والبيهقي من رواية أبي سعيد الخدري قال الترمذي: حسن. وفي بعض نسخه: صحيح وصححه أحمد ويحيى بن معين وغيرهما. انظر خلاصة البدر المنير ١/ ٧. وبضاعة بكسر الباء وَضَربها، والضم أكثر، وهي بئر قديمة بالمدينة حرسها الله تعالى.
(٤) في ب: بقائه.

<<  <  ج: ص:  >  >>