للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "كامتصاص سكرة من غير مضغ" ينبغي أن يعرف أن الامتصاص لا أثر له، بل متى كانت في فمه وهي تذوب وتصل إلى جوفه يحصل الخلاف، وإن لم يكن امتصاص، وإنما قال: من غير مضغ، لأن المضغ فعل من الأفعال يبطل الكثير منه، وإن لم يصل شيء إلى الجوف حتى لو كان يمضغ علكاً في فمه بطلت صلاته، [وإن لم يمضغه وكان جديداً فهو كالسكرة، وإن كان مستعملاً لم تبطل صلاته] (١) كما لو أمسك في فمه أجاصة (٢) ونحوها.

قال الغزالي: خَاتِمَةٌ لِلْمُحْدِثِ المُكْثُ فِي المِسْجِدِ، وَلِلْجُنُبِ العبُورُ دُونَ المَكْثِ، وَلَيْسَ لِلْحَائِضِ العُبُورُ عِنْدَ خَوْفِ التَّلْوِيثِ، وَعِنْدَ الأَمْنِ وَجْهَانِ، وَالكَافِرُ يَدْخُلُ المَسْجِدَ بِإذْنِ المُسْلِمِ وَلاَ يَدْخُلُ بِغَيْرِ إِذْنٍ عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ، فَإنْ كَانَ جُنُبًا مُنِعَ كَالمُسْلِمِ وَقِيلَ: لاَ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِم تَفْصِيلَ شَرْعِنَا.

قال الرافعي: مسائل: (الخاتمة) إلى قوله: (فوجهان) مكررة إما أن المحدث له المكث (٣) فقد صار معلوماً بقوله في باب الغسل؛ (ثم حكم الجنابة حكم الحدث مع زيادة تحريمه قراءة القرآن، والمكث في المسجد) وفيه تصريح بتحريم المكث وجواز العبور للجنب.

أما حكم الحائض فقد ذكره في "كتاب الحيض" وشرحنا المسائل في الموضعين، ثم جميع ذلك في حق المسلم.

أما الكافر فلا يمكن من دخول حرم مكة بحال، يستوي فيه مساجده وغيرها، قال الله تعالى: {فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} (٤).

وأما مساجد غير الحرم فله أن يدخلها بإذن المسلم خلافاً لمالك، ووافقه أحمد في أظهر الروايتين.

لنا أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "رَبَطَ ثُمَامَةَ بْنَ أَثَالٍ فِي الْمَسْجِدِ قَبْلَ إِسْلاَمِهِ" (٥).


(١) سقط في "ب".
(٢) الذي في النسخ التي تحت يدي "اجاصته" ولكن حكى بعض الأئمة أن النسخ الصحيحة من الرافعي "حصاة" وهي عبارة البغوي وقد يوجه ما هنا بأن الإجاصة لها قشرة كالصوان يمنع من انحلال الأجزاء التي في جوفها.
(٣) قال النووي:، كذا النوم بلا كراهة.
(٤) سورة التوبة، الآية ٢٨.
(٥) متفق عليه من رواية أبي هريرة -رضي الله عنه- أخرجه البخاري (٤٦٢، ٤٦٩، ٢٤٢٢، ٢٤٢٣، ٤٣٧٢) ومسلم (١٧٦٤) وأبو داود (٢٦٧٩) والنساني (٢/ ٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>