للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحب "التهذيب" ويذكر عنه أنه إذا أَقَرَّهَا على مِلْكِ أَرْبَابِهَا ضرب عليهم جِزْيَتَيْنِ:

إحداهما: على رُؤوسِهِمْ. والأخرى: على الأَرَاضِي. فإذا أَسْلَمُوا سَقَطَتْ جِزْيَة الرؤوس دُونَ الأخرى. ويروى عن أبي حَنِيْفَةَ في سَوَادِ "العراق" ما يُخَالِفُ التخيير بين الخِصَالِ الثلاث وسيجيء من بَعْدُ، والقول في عَقَارِ "مكة" يأتي في المسألة الثانية.

وأما سَوَادُ "العراق" ففيه فُصُولٌ:

أحدها: في كيفية فَتْحِهِ، وما فعل به عُمَرُ -رضي الله عنه- فعن أبي إِسْحَاقَ نَقْلُ وَجْهٍ نَقَلَهُ القاضي ابْنُ كجٍّ -أنه فتح صُلْحًا.

وعن الماسَرْجِسِيَّ أن أبَا إِسْحَاقَ كان يَنْصُرُهُ في الدَّرْسِ، وهذا ما حكي عن أبي حَنِيْفَةَ عن رِوَايَةِ القَفَّالِ وغيره، وأنه قال: إن عُمَرَ -رضي الله عنه- رَدَّهَا عليهم بِخَرَاجٍ يُؤَدُّونَهُ كل سَنَةٍ. وعن أبي الطَّيِّبِ بن سَلَمَةَ أنه قال: أشْتَبَهَ الأَمْرُ عَلَيَّ، فلا أدري أَفتِحَ عَنوَةً أو صُلْحًا؟!

والصحيح المَشْهُورُ أنه فُتِحَ عَنْوَةً وأن عُمَرَ -رضي الله عنه- قَسَّمَ أَرَاضِيَ السَّوَادِ (١) في جملة الغَنَائِمِ، وكيف قَسَّمَ؟

عن أبي إِسْحَاقَ تَفْرِيعًا على أنه فُتِحَ عَنْوَةً إن كان في الغَنِيمَةِ غير الأراضي من المَوَاشِي، وصُنُوفِ الأَمْتِعَةِ، فرأى عمر -رضي الله عنه- أنه إن صَرَفَ خُمُسَهَا إلى أَهْلِ الخُمُسِ أَنْفَقُوهُ، وأراد أن يجعل لهم عدة باقية يَسْتَظْهِرُون بها فَعَوَّضَهُمْ عن خُمُسِهَا الأخماس الأربعة من الأراضي فحصلت (٢) الأراضي لِأَهْلِ الخُمُسِ، والمَنْقُولاَتُ لِلْغَانِمِينَ. والصحيح المشهور أنه قَسَّمَهَا بين الغَانِمِينَ، ولم يُخَصِّصْهَا بأهل الخُمُسِ، ثم اسْتَطَابَ قُلُوبَهُمْ عنها واسْتَرَدَّها.

قال جَرِيرُ بن عَبْدِ الله البَجَلِيُّ -رضي الله عنه-: كانت بَجِيلَةُ رُبُعَ النَّاسِ يوم


= مجلز، ومن طريق محمد بن المنتشر: أن عمر بن الخطاب وجه عثمان بن حنيف على خراج السواد، الحديث، وفيه: فحمل من خراج سواد الكوفة إلى عمر في أول سنة ثمانون ألف ألف درهم، وقيل مائة وعشرون ألف ألف، والذي في الرافعي عزاه صاحب المهذب إلى رواية عباد ابن كثير عن قحدم، وعباد ضعيف.
قوله: اشتهر أن أرض البصرة كانت سبخة، فأحياها عثمان بن أبي العاص، وعتبة بن غزوان بعد الفتح، قلت: هو كما قال، رواه عمر بن شبة في أخبار البصرة، وكان ذلك سنة أربع عشرة، وكان السابق إلى ذلك عتبة بن غزوان.
قوله: روي أن عمر اشترى حجرة سودة بمكة. وأن حكيم بن حزام باع دار الندوة من معاوية، أما حجرة سودة فالمعروف أن الذي اشتراها ابن الزبير، وقد تقدم في البيوع، وكذا تقدم فيه قصة حكيم.
(١) في ز: العراق.
(٢) في ز: فجعلت.

<<  <  ج: ص:  >  >>