للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمن لا] (١) يِقْصِدُهُ لِلأَمَانِ، والمذكورُ في مسألةِ الشِّرَاءِ مُكْرَهًا هو الطَّرِيقُ الثاني.

المسألةُ الثانيةُ:

عن الشيخ أَبِي عَلِيٍّ حكايته وجهين، فيما إذا أَسْلَمَ الكَافِرُ وقد لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أو ظِهَارٍ، هل يسقطُ عنه؟

أَصَحَهُّمَا: المَنْعُ كالدُّيُونِ اللاَّزِمَةِ في الشِّرْكِ.

والثاني: يَسْقُطُ؛ لأنَّ الإِسْلاَمَ يَجُبُّ ما قَبْلَهُ.

قال الإِمام: وهذا ضَعِيفٌ هَادِمٌ لِلْقَوَاعِدِ، فإن الكَفَّارَةَ لاَ مُطَالَبَةَ بِها، وإذَا لم يطالب بها في الكُفْرِ، وكانت تسقطُ بالإسْلاَم، فلا مَعْنَى لِلُزُومِهَا، وفي الظاهر يَتَعَذَّرُ ارْتِفَاعُ التَّحْرِيم من غَيْرِ أن يكفر، ويلزمُ عليه أن يُقَالَ: إذا آلَى الكَافِرُ، ثُمَّ أَسْلَمَ انْقَطَعَ الإِيلاَءُ؛ لأنَّهُ صَارَ إلى حَالَةٍ لا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بالوَطْءِ وكُلُّ ذلكَ بَعِيدٌ. والله أعلمُ به سبحانه.

قال الغَزَالِيُّ: وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَى المُبَارِزِ مَعَ قُوَّتِهِ الوَفَاءُ بشَرْطِهِ* وَإنْ شَرَطَ القَوْمُ الكَفَّ عَنْهُ إِلَى أَنْ يَتِمَّ القِتالُ جَازَ أَنْ يُقْتَلَ الكَافِرُ إِذَا وَلَّى مُدْبِرًا إِذْ تَمَّ القِتَالُ بِالهَزِيمَةِ* وإنْ أَثْخَنَ المُسْلِمَ وَقصدَ تَذْفِيفَهُ مَنَعْنَاهُ* وَإِنْ شَرَطَ لَهُ التَّمْكِينَ مِنْهُ فَهَذَا الشَّرْط بَاطِلٌ* وَلَوْ خَرَجَ جَمَاعَةٌ لإِعَانَةِ كَافِرٍ باسْتِئْجَارِهِ قَتَلْنَاهُ مَعَهُمْ* وَإنْ كَانَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ لَمْ نَتَعَرَّضْ لَهُ.

قال الرَّافِعِيُّ: إِذَا بَارَزَ مُسْلِمٌ كَافِرًا بإِذْنِ الإِمَام، أو استئذنه، وقُلْنا: يَجُوزُ الاستئذان، وَهُوَ الأَصَحُّ، فشرطُ المُبَارِزِ ألاَّ يعين المسلمون المسلم، ولا الكَافِرونَ الكَافِرَ إلى انْقِضَاءِ القِتَالِ عَنْهُمَا، وَجَبَ الوَفَاءُ بِالشَّرْطِ، ولم يَجُزْ لمن في الصَّفِّ الإِعَانَةُ؛ لأنَّ المُبَارَزَةَ عَظِيمَةُ النَّفْعِ في الجِهَادِ، فلا يَتِمُّ الأَمَانُ إلا بأن يَأْمَنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا من غير قِرْنِهِ، ثم إن هَرَبَ أحْدُهُما، أو قتل الكافر المسلم، جاز لِلْمُسْلِمِينَ قَصْدُ الكَافِر؛ لأَنَّ الأَمَانَ كان إِلى انْقِضَاءِ القِتَالِ، وقد انْقَضَى، فإن شرطَ الأمان إلى العود إلى الصَّفِّ وفّى به، وإن وَلَّى المسلمُ عنه فتبعه لِيَقْتُلَهُ، أو تَرَكَ قِتَالَ المُسْلِم، وقَصَدَ الصف فله قَتْلُهُ لنقضه الأَمَانَ، ولو أَثْخَنَ المسلم، جَاز قَتْلُهُ أيضاً لانْقِطَاعِ القِتَالِ، وإذَا قصد قَتْلَ المُثْخنِ مُنِعَ وقتل، فإن شرط له التَّمْكِين منهُ، فَهَذَا شَرْطٌ فاسدٌ؛ لما فيه من الضَّرَرِ، [وهل يفسد به] (٢) أَصْلُ الأَمَانِ؟ حكى القاضي ابْنُ كَجٍّ فِيهِ وجهين:

ولو خَرَجَ المُشْرِكُون لإعَانَةِ المُشْرِكِ، خرجَ المُسْلِمُونَ لإعَانَةِ المُسْلِمِ، ثُمَّ إِن كان الكَافِرُ اسْتَنْجَدَهُمْ، جاز قَتْلُهُ مَعَهُمْ وبمثله أُجِيبَ فيما إذا خَرَجُوا من غير اسْتِنْجَادٍ، لكنَّهُ


(١) في ز: يتعد إلا.
(٢) في ز: وهذا يفسده.

<<  <  ج: ص:  >  >>