للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن القَفَّالِ: أنه اعْتذر بأن الجنايَاتِ قد تنجر إلى إيجاب الزيادَةِ، كما إذا قطع يَدَيْ عَبْدٍ، وجاء آخرُ وقتله وأُجِيبَ عنهُ بأنَّ قاطعَ اليديْن (١) لَا شِرْكةَ له في القَتْلِ، والقتلُ يقطعَ أَثَرَ القتلِ ويقع موْقِع الاِنْدمَالِ وهاهنا بخلافِه.

والرّابعُ: عن أَبِي الطَّيِّب بْنِ سَلَمَةَ، أنه يجب على كُلِّ واحدٍ منهما نصفُ قيمتِهِ يومَ جِنَايَتِه، ولا يُعْتبر إلا نِصْفُ الأَرْشِ؛ كما ذكره أَبُو إِسْحَاقَ، ومَنْ قال بالوجهِ الثَّالِثِ، لكن لا يرجِعُ الأَوَّلُ على الثَّانِي، ولا يَزِيدُ الواجب على القيمةِ، بل يجمعُ ما يلزمهما تَقْدِيرًا وهو عشرةٌ ونِصْف، وتقسمُ القيمةُ وهي عَشَرَةٌ على العشرةِ والنِّصْفِ، ليبقى التفاوتُ مَرْعِيّاً بينهما، وذلك بأن يَبْسُطَها أنصافاً؛ فتكون إِحْدَى وعِشْرين، فيُوجب على الأولِ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءاً من وَاحدٍ وعِشْرينَ جُزْءاً مِنْ عَشَرَةٍ، وعلى الثاني؛ عشرةُ أَجْزاءٍ من أَحَدٍ وعِشْرين جُزْءاً من عَشَرةٍ، وفيه أيضاً إفرادُ أَرْشِ الجناية عن بدلِ النَّفْسِ.

والخَامِسُ: عن "صَاحِبِ التَّقْرِيبِ" وغيرِه، أنه يجِبُ على الأول خمسةٌ ونصْفٌ، وعلى الثاني أربعةٌ ونصْف؛ لأن الأولَ لو انفردَ بالجُرْحِ وسَرَى، لَأُلْزِمَ العشرةَ، ولا ينقطع عنه إلاَّ ما لزم الثانِي، والثاني إنَّما جَنَى على قِيمتِه تِسْعة، ولا يُغَرَّمُ إلا نِصْفَ التسعةِ، فما سِوَاه يبقى على الأَوَّلِ، هكذَا، روَجَّهَ الإمامُ ولم يجعلِ الزيادةَ أَرْشاً، ولكن قال: هو مُتَسَبِّبٌ إلى التفوِيتِ إِلاَّ فيما يعرض لالتزامه الثاني.

ومِنَ الأَصْحَابِ مَنْ جعل الزيادَةَ أَرْشاً. وقال: يَصِيرُ الأَرْشُ في حَقِّ الأول دُونَ الثاني، فيجب عليه ما نقص بجِنَايتهِ، وهو دِينَارٌ ونصْفُ القيمةِ بعد ذلك، وهو أَرْبَعةٌ ونِصْفٌ، ولا يعتبر الأرشُ في حق الثاني، وفَرّقَ بينهما بأن جنايةَ الأولِ وَحْدَها نقصت الدينارَ، ثم جنايةُ الثاني، وسرايةُ جنايةِ الأول تعاونَتَا على تَفْويت الباقي، وَلَكَ أنْ تقولَ [قضيةٌ] (٢) مَا تكرر في الوُجُوهِ ألاَّ يعتبرَ الأرشُ بتمامِهِ في حقِّه، بل يُعْتبر نصفُه؛ فيجب نصفُ دينارٍ؛ وهذا الوجهُ أَرْجَحُ عند الإِمام، ووافقه صاحبُ الكِتَاب، فقال: "وهُوَ الأَقْرَبُ" وإن كان لا يَنْفكُّ وجهٌ عن بُعد. ووجهُ البُعْدِ في الأَرْبعة [الأولى] (٣) قدِ انْدرج في خِلاَلِهَا.

وأَمَّا الخَامِسُ: فَمَنْ جعل للزيادَةِ أَرْشاً -فقد أَفْرد الأَرْشَ بالاعتبارِ.

وأَمَّا القولُ بأنه متَسَبَّبَ إلى التفويتِ -فهذا مُسَلَّم لوِ انْفرد، فأما إذا شاركه غيرُه، فقد خرج فِعْلُه عن أن يكون مُفَوِّتاً للكُلِّ، والنظر في القدْرِ الذي يُنْسب إليه من الفَائِت.

ووراءَ هذه الوجُوهِ وجهٌ سادِسٌ عن ابن خيرَانَ، واختاره "صاحبُ الإِفْصَاح",


(١) في ز: البعض.
(٢) سقط في ز.
(٣) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>