للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لنا: أنه ذَبْحٌ يجوزُ نهاراً فيجوز ليلًا كَذبح غيرِ الضحية.

والذبحُ مطلقاً بالليل مَكْروهٌ؛ لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الذَّبْحِ لَيْلاً (١).

والمعنى فيه: أنه لا يَأْمَنُ الخطأَ في المذْبَحِ، وأيضاً فالمسَاكِينُ لا يحضرون التضحيةَ بالليل حُضُورَهم بالنهارِ.

وأما لفظُ الكتاب فقولُه: "وهُوَ يَوْمُ النَّحْرِ وأَيَّامُ التَّشْرِيقِ" يجوز إعلامُ أَيَّامَ التشرِيقِ بالحَاءِ والمِيمِ والأَلِفِ؛ لما نقلنا مِنْ مَذْهَبِهم في اليوم الثالث.

ويوم النحر كُلّه ليس وَقْتَ التضحيةِ، بل لا بُدَّ مِنِ انْقضاءِ طرفٍ من صَدْرهِ على ما بين، فلْيُحْمل على أن وقْتَ التضحيةِ في هذه الأيام. وما أشبه ذلك.

وقولُه: "ودماءُ الجبرانَاتِ لا وقْتَ لها" أَيْ: لا تختصُّ بوقْتٍ. المسْأَلَةُ مُكَرَّرَةٌ قد ذكرها مرَّةً في "الحج" مع التعرضِ لمُخَالفتها "الضَّحايا" ولا حاجةَ إلى إِعادَتِها هاهنا.

وقولُه: "وأولُ الوقْتِ بانقضاءِ وقْتِ الكراهِيَةِ بعد طُلُوع الشَّمْسِ" اعلم أَنَّ المعتبرَ دخولُ وقْتِ صَلاةِ العِيدِ، ونذكر أَنَّا حكينا فيما يدخل به صلاةُ العِيدِ اختلاَفاً عن كُتُبِ الأَصْحَابِ؛ فمِنْ قَائِلٍ: يَدْخُلُ بطلوعِ الشَّمْس، ومن آخر يقول: يدخل بارتفاعِ الشمسِ قَدْرَ رُمْحٍ وبه ينقضي وقتُ الكراهيةِ.

ولفظ صَاحِب الكتاب هناك مُوَافِقٌ الفرقةِ الأُولَى فإنه قال: " [ووقتها] (٢) ما بين طُلُوع الشمس إلى زَوَالِها".

وَاعْتُبِرَ هَاهُنَا انقضاءُ وقْتِ الكَرَاهِية [فَلْيَنْزِلْ أَحدُهما] (٣) على الآخر بضرْبٍ من التأْوِيل أو ليعتقد على أنه أجاب هناك على رَأْيٍ وفرَّع هاهنا على آخَرَ.

ويجوزُ أن يُعْلَم قولُه "بانقضاءِ وَقْتِ الكراهيةِ [بالحَاءِ والمِيمِ والأَلِفِ؛ لأن عندهم لا يدخُلُ الوقْتُ بانقضاءِ وَقْتِ الكَرَاهِية] (٤) ومَضَى وقْتُ ركعتين وخُطْبتيْنِ، وإنما يدخل الوقْتُ إذا صلى الامامُ وخَطَبَ.

وقال أَبُو حَنِيْفَةَ: إِنْ زالت الشمسُ، ولم يُصَلِّ فللناس التضحيةُ وخصص ما ذكره بأهْل البلادِ، وجوَّزَ لأهلِ السَّوادِ والمسافِرِينَ التضحيةَ بعد طُلُوع الفَجْرِ.


(١) أخرجه الطبراني [١١٤٥٨] من حديث ابن عباس وفيه سليمان بن سلمة الخبائري، وهو متروك، وذكره عبد الحق من حديث عطاء بن يسار مرسلاً، وفيه مبشر بن عبيد وهو متروك، قلت: وفي البيهقي عن الحسن: نهى عن جداد الليل، وحصاد الليل، والأضحى بالليل.
(٢) سقط في ز.
(٣) في ز: فليس أحديهما.
(٤) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>