للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنهما يُحِيطَانِ بالمَرِيءِ] (١) يقال لهما: الودَجَانِ، ويقال للحلقوم والمرِيءِ معهما الأَوْدَاجُ ولابد من قطع الحُلْقُومِ والمَرِيءِ.

وعن الاِصْطَخْرِي: أنه يكفي قطعُ أَحَدِهما لأن الحياةَ لاَ تَبْقَى بعده. قال الأصحابُ: وهذا خلافُ نَصِّ الشَّافعي -رضي الله عنه- وخلاف مَقْصُودِ الذَّكاةِ؛ لأن المقصودَ الإزهاقُ: بما يوحى ولا يُعذَّبُ وقطْع أَحدِهم لا يوحى، ويُسْتَحَبُّ أن يُقْطَع معهما الوَدَجَانِ لأنه [أوحى] (٢) والغالب أنهما ينقطعان إذا قطع الحُلْقُومَ والمريءَ، لكن لو تكلف مُتَكَلِّفٌ وقطع الحُلْقُومَ والمَرِيءَ وترك الودَجَيْنِ ثم الذبحُ وحصل الحلُّ؛ لأن قَطْعَهما مُوحٍ والْوَدَجَانِ قد يسلان من الحيوان فيبقى، وما هذا شأْنُه لا يُشْتَرطُ قَطْعُه كسائر العُروقِ. وقال مَالِكٌ: لابد من قطعِهما مع الحُلْقُوم والمريءِ.

وعند أَبِي حَنِيفةَ: لا بُدَّ من قطع الأَكْثَرِ.

ثم قِيلَ؛ معناه أن يقطعَ مِنْ كُلِّ واحدٍ منهما أكثرَهُ.

وقِيلَ: أن يقطعَ منهما ثُلُثَه، ولو ترك مِنَ الحلقُومِ والمريءِ شَيْئاً وماتَ الحيوانُ فهو حَرَامٌ، وإن كان المتروكُ يَسِيراً، وكذا لو انتهى إلى حركة المذْبُوحِ، ثم قطع المترُوكَ. وعن "الحَاوِي" وجهٌ آخر: أنه يحلّ؛ لأنه يقومُ مقامَ الكُلِّ في تفويتِ الحياةِ. وهذا ما اختاره القَاضِي الرُّوَيانِي في "الحِلْية".

قال: ولا أَثَرَ لقَدْرِ أُنْملة أو ظُفْرٍ يبقى والظاهِرُ الأولُ.

ولو قطع من القَفَا حتَّى انتهى إلى قَطْع الحلقُومِ والمريءِ، فيعصى؛ لما فيه من زيادَةِ الاِيلاَمِ، ثم يُنْظَرُ إن انتهى إلى حركةِ المَذْبُوحِ حين انتهى القطْعُ إلى المريءِ، فهو مَيْتَةٌ، وقطعُ الحلقُومِ والمريءِ بعد ذلك لا ينفَعُ، وإن كان فيه حياةٌ مستقرةٌ فقطعها -حَلَّ؛ كما لو قطع يدَ الحيوانِ، ثم ذَكَّاه.

وعن مَالِكِ وأَحْمَدَ: أنه لا يَحِلُّ؛ لعدُولِه عن الذبح المأْمُورِ به.

قال الإمامُ: ولو كان فيه حياةٌ مُسْتقرة عند ابتداءِ قَطْعِ المريءِ ولكنه إذا قطع المريءِ وبعضَ الحُلْقوم (٣) انتهى إلى حَرَكَةِ المذْبُوح لما ناله من قبل بسبب قَطْع القَفَا -فهو حَلاَلٌ وأقصى ما وقع التعبُّدُ (٤) أن يكونَ فيه حياةٌ مستقِرَّةٌ عند الابتداءِ بقَطْعِ المذْبَحِ.

والقطعُ من إِحْدَى صَفْحَتيِ العُنُقِ كالقَطْع من القَفَا.

ولو أدخل السِّكِّين في أُذُنِ الثعلب ليقطع الحلقُومَ والمريءَ داخل الجِلْدِ ففيه هذا


(١) سقط في ز.
(٢) سقط في ز
(٣) في ز: الحلقوم وبعض المريء.
(٤) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>