للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأَقْيسُهما: لا؛ لأنه عيّنَها عما التزم وما التزم غير مؤقَّتٍ على هذا الوجه.

المَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ (١): يُسْتَحَبُّ لمن أرادَ التضحيةَ أَلاَّ يحلِقَ شعرَه، ولا يقلّم ظُفْرَه في عَشْرِ ذِي الحِجّةِ حتى يُضَحّي (٢)، فإن خالف فقد فعل مَكْرُوهاً.

وعن أَبِي حنيفةَ: أنه لا يُسْتحبُّ تركُ الحلْقِ والقلْم بل يكرهُ. وقال أحمدُ: يجب ترْكُهما. وفي "الرّقمِ": أَنَّ لبعض أَصْحابنا تخريجاً [مِثْلَه] (٣).

ويُروَى عن مالكٍ [مِثْلُ قولنا، ويُرْوَى مثل] (٤) قول أَبِي حنيفةَ.

لنا ما رُوِيَ عن أم سَلَمةَ -رضي الله عنها- قالت: قال رسُول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلاَ يَمَسّ مِنْ شَعَرِهِ وَلاَ بَشَرِهِ شَيْئاً" (٥).

والمقصودُ مِنْه الكراهةُ دُونَ التحريم.

واحتج له بما رُوِي عن عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أنها قالتْ: "كُنْتُ أَقْتِلُ قَلاَئِدَ هَدْيِ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- ثم يُقَلّدُهَا هو بيَدِه ثم يَبْعَثُ بها فلا يحرم عليه شيءٌ أَحَلَّهُ اللهُ له حتى يُنْحَرَ الهدْيَ" (٦) وذكر فيه معنيانِ:

أَحدُهما: التشبيهُ بالحاجِّ، واعتُرِض عليه بأنه لو كان كذلك، لأمرَ بترك التطيُّيبِ ولُبْسِ المخِيطِ.

وأَظْهرُهما: وهو المذكورُ في الكتابِ: أن التضحيةَ سببُ الغُفْرانِ والعِتْق من النار، وقد ورد أن الله تعالى يَعْتِقُ بكل عُضْوِ من الضحية عُضْواً من المُضحّي؛ فاستحب أن يكون على أَكْمل الأجزاء ليعتق من النَّارِ.

ويجوزُ أن يُعْلَم -لما بينا- قولُه في الكتاب "وَاسْتُحِبَّ" بالحاءِ والمِيمِ والأَلِفِ [والواوِ وقولُه "ولا يُقَلِّم] " (٧) بالواوِ؛ لأن في "الحَاوِي" أن قوله في الخبر: "فلا يَمَسُّ مِنْ شَعَرِه وبَشَرِه" له تأْوِيلان عن الشَّافعي -رحمه الله-:


(١) في ز: الثانية.
(٢) سواء في ذلك شعر الرأس واللحية والشارب والإبط والعانة وغيرها.
(٣) سقط في ز.
(٤) سقط في ز.
(٥) أخرجه مسلم [١٩٧٧] من حديث أم سلمة بهذا، وله عنده ألفاظ، واستدركه الحاكم فوهم، وأعله الدارقطني بالوقف، ورواه الترمذي وصححه، قوله: لم يؤثر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أصحابه التضحية بغير الإبل والبقر والغنم، يعكر علبه ما ذكره السهيلي عن أسماء قالت: ضحينا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالخيل، وعن أبي هريرة أنه ضحى بديك. قاله الحافظ.
(٦) أخرجه البخاري [١٦٩٦ و ١٦٩٨ و ١٦٩٩ و ١٧٠٠ - ١٧٠٥ و ٢٣١٧ و ٥٥٦٦ مسلم ١٣٢١].
(٧) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>