للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثَانِيها: أنه للمساكين خاصَّةً؛ لأنه بدلُ بَعْضِ الأُضْحية، وليس [للمضحي] (١) من الأُضْحيةِ إلاَّ الأَكْلُ.

وأظهرها: أنه يَسْلُكُ به مَسْلَكَ الضحايا، وعلى هذا فيشتري به شاةً، وإن لم يتيسَّرْ عاد ما سبق أنه يَشْترى به جُزْءاً من ضحيةٍ أو لحْمٍ أو يفرق نفسه.

وقِيلَ: هو مُخَيَّر بين أن يصرِفَ إلى جُزْءٍ، وبين أن ينتفعَ به ولا يَبِيعَهُ، وجميعُ هذا فِيمَا إذا ذَبح الأَجْنَبيُّ واللحم باقٍ. فأما إذا أكله أو فَرَّقَهُ في مصارِفِ الضحايا، أو تعذَّر اسْتردادُه فهو كإلاتلاَفِ الإِفْسادِ لأن تعيين (٢) المَصروف إليه، إلى المضحي فعليه الضمانُ، والمالِكُ يشتري أُضْحية أُخْرَى بما يأخذ. وفي كتاب القاضِي ابْنِ كج أنه تقع [التفرقةُ] (٣) عن المالِكِ كالذَّبْح والظَّاهِرُ الأَوَّلُ. وفي الضمانِ الوَاجِبِ -والحالة هذه- قَوْلاَنِ عن حكاية "صاحب التقريب":

أَحدُهما: وهو اختيارُ الجمهورِ: أنه يضمن قِيمَتها عند الذبح كما في صورةِ الإِفْسَادِ.

والثاني: وبه قال ابنُ أَبِي هريرة: أنه يضمن الأكثرَ من قيمتها وقيمة اللحم؛ لأنه فرّقَ اللحمَ متعدياً بعدما ذبح.

ورَوَى بعضُهم بدل الثاني أنه يُغَرَّمُ أَرْشَ الذبح، وقِيمةَ اللَّحمِ، وعلى هذا جرى الامامُ وصاحبُ الكتابِ.

وقد يزيدُ الأَرْشُ مع قيمةِ اللحم على قيمة شاةٍ، وقد يَنقَص، وقد يتأدَّى المقداران ولا اختصاصَ [لهذا الخلافِ] (٤) بصورة الضَّحيةِ بل يطردُ في كل مَنْ ذبح شاةَ إنسانٍ ثم [أتْلَف] (٥) اللحْمَ ولذلك عمم التَّصْويرَ فقال: "ومَنْ ذَبحَ شاةَ غَيْرهِ وأكل لَحْمها" وهذا كلُّه تفريعٌ على أن الشاةَ التي ذبحها الأَجْنبيُّ في الوقْتِ تقع ضحيةً عن صاحبها. أما إذا قُلْنا: لا تقع أُضْحيةً، فليس على الذابح إلاَّ أَرْشُ النقصانِ. وما حُكْمُ اللحم؟

فيه وجهان:

أَحدُهما: أن اللحم صَار مُسْتحقّاً بجهة الضحية حيثُ قال: جعلت هذه الشاةَ ضحيةً [فيصرف إلى مَصَارِفِها، وإن لم تقع ضحيةً] (٦).

والثاني: أنه ينفكُّ عن حُكْم الأضحية، ويصيرُ مِلْكاً له. ولو التزم ضحيةً أو هَدْياً


(١) في ز: للمستحق.
(٢) في أ: تعجيل.
(٣) سقط في ز.
(٤) في ز: لهذه الحالات.
(٥) في ز: أمكن.
(٦) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>