للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكْمُهَا حكْمُ الجَلاَّلة (١)، والزَّرْعُ لا يَحْرُم، وإن كثر الزِّبْلُ والنجاسات في أصله؛ لأنه لا يظهر أثر النجاسة ورائحتها (٢) فيه، وعن أحمدَ: أنه يَحْرُم.

وقوله في الكتاب "ومهما زال بالعَلَف، حل لحمه" يعني؛ زال النتنُ بالعلفَ في الحياة، حل لحمه، إذا ذُبح، وقوله: "ولو زال بالطَّبْخ" أي بعد الذبح.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (التَّاسِعُ): ما حُكْمَ بِحِّله فَيَحْرُمُ مِنْهُ المُنْخَنِقَةُ وَمَا ذُبِحَ ذَبْجاً غَيْرَ شَرْعِيٍّ إِلاَّ الجَنِينَ المَيِّتَ فِي بَطنِ المُذَكَّى، فَهُو حَلاَلٌ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: الحيوان المأكول؛ إنما يحل، إذا ذُبح على الوجه الشرعي، فأما الميتة والمنخنقة والموقوذة وما ذُبح ذبحاً غيرَ شرعي، فإنه حرامٌ، وَيُسْتَثْنَى من الميتة الجراد والسمك، وربما اسْتُثنِيَ معها الجنين الذي يُوجَد ميتاً عند ذبْح الأم، وقد يُستثنى من المنخنقة، ويقال: إنَّهُ ينخَنِقُ بذبح الأم، والمقصود أن الجنين الذي يُوجد في بطن الأم المذَكَّاة حلالٌ، سواء أشْعَر أو لم يُشْعِر، وقال أبو حنيفةٍ: لا يَحِلُّ الجنين إلا أن يُوجد حياً، فيذُبح.

لنا: ما رُوِيَ عن أبي سعيدٍ الخدري -رضي الله عنه- قال: قلنا: يا رسول الله، إِنَّنَا نَنْحَر الإِبْلِ، وَنَذْبَحُ الْبَقَرَ وَالشَّاةَ، فَنَجدُ في بَطْنِهَا الْجَنِينَ، أنُلْقِيهِ أمْ نَأْكُلُهُ، فَقَالَ: كُلُوهُ، إنْ شِئْتُمْ، فَإِنَّ ذَكَاتَهُ، ذَكَاةُ أُمِّهِ" (٣) واحتج الشيخُ أبو محمَّد بأنه، لو لم يحل


(١) المراد إذا تغير لحمها بسبب ذلك.
قال الزركشي: واعلم أنها إذا ارتضعت من كلبة صار فمها متنجساً فلا يؤكل حتى يغسل سبعاً كمعض الكلب فتفطن له. انتهى ولا بدّ من التعفير بالتراب.
(٢) قال النووي وإذا عجن دقيقاً بماء نجس وخبزه، فهو نجس يحرم أكله. ويجوز أن يطعمه لشاة وبعير ونحوهما، نص عليه الشافعي رحمه الله تعالى، ونقله البيهقي في "السنن" الكبير في باب نجاسة الماء الدائم عن نصه، واستدل له بحديث صحيح. وفي فتاوى صاحب "الشامل": أنه يكره إطعام الحيوان المأكول نجاسة. وهذا لا يخالف ما نص عليه الشَّافعي -رحمه الله- في الطعام؛ لأنه ليس بنجس العين.
قال ابن الصباغ: ولا يكره أكل البيض المسلوق بماء نجس، كما لا يكره الوضوء بماء سخن بالنجاسة.
(٣) رواه الترمذي [١٤٧٦] من طريق مجالد عن أبي الوداك عن أبي سعيد بهذا، ورواه أبو داود [٢٨٢٧] رواه ابن ماجه [٣١٩٩] مثله، إلا أنه الناقة، بدل الإِبل، ورواه الدارقطني بلفظ: إذا سميتم على الذبيحة، فإن ذكاته ذكاة أمه: قال عبد الحق، لا يحتج بأسانيده كلها، وخالف الغزالي في الإِحياء فقال: هو حديث صحيح: وتبع في ذلك إمامه، فإنه قال في الأساليب: هو حديث صحيح لا يتطرق احتمال إلى متنه، ولا ضعف إلى سنده، وفي هذا نظر، والحق أن فيها ما تنتهض به الحجة، وهي مجموع طرق حديث أبي سعيد، وطرق حديث جابر على ما سيأتي =

<<  <  ج: ص:  >  >>