للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: المسابقة على الطيور [من الحمامات] وغيرها جائزة بلا عوض وبالعوض، الأجمح: المنع؛ لأنها ليست من آلات القتال، ولظاهر الخير، وقيلَ: بالجواز؛ لأنه يحتاج إليها في الحروب؛ لإِنهاء الأخبار، ولا يجوز المسابقة على مناطحة الشياة ومهارشة الديك لا بعوض ولا غير عوض.

ومنها: المسابقة على الأقدام بلا عوض جائزة تسابق النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- وعائشة -رضي الله عنها (١) -، وأما بالعوض، فقد قِيلَ: يجوز، قال الشيخ أبو حامد: وبه قال أبو حنيفة؛ لأن المحارب يحتاج في القتال إلى الإِسراع بالأقدام للرَّجَّالة، كالخيل للفرسان، والأظهر: المنع، وبه قال أحمد: للخبر؛ ولأنه ليس فيه استعمال آلة يستعان بها في الحرب، فإن منعنا المسابقة على الأقدام، فالمسابقة على السباحة أولَى بالمنع، وإن جوَّزناه، ففي هذه وجهان، والفرق أن الماء يؤثِّر في السباحةِ، والأرضُ لا تؤثر في السعي، والمنعُ هو الذي أورده صاحِبُ "المهذبِ" و"التهذِيب".

ومنها: المسابقة على الطيارات والزوارق، قيل: بجوازها، وبه قال ابنُ سُرَيج؛ لأن الحرب قد تقع في البحر، وهو في الماء كالخيل في البر، وقال الأكثرون: لا يجوز؛ لأن سبقها بالملاح، لا بمن يقاتل فيها، ولأن الحرب لا تقع بها وإنما تقع فيها.

ومنها: المصارعة بلا عوض جائزة، وبالعوض جوَّزها بعضُهم؛ لما روي أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- "صَارَعَ رُكَانَةَ عَلَى شَاةٍ" (٢) والأظهر المنع؛ للخبر، وكان الغرض في القصة أن


(١) رواه الشافعي وأبو داود [٢٥٧٨] والنسائي، وابن ماجة [١٩٧٩] وابن حبان [١٣١٠] والبيهقي [١٠/ ١٧ - ١٨] من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: سابقت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسبقته، فلما حملت اللحم سابقته، فسبقني، فقال: هذه بتلك، واختلف فيه على هشام، فقيل هكذا، وقيل عن رجل عن أبي سلمة، وقيل عن أبيه. وعن أبي سلمة، عن عائشة ورواه أحمد [٦/ ٣٩ - ١٢٩ - ١٨٢ - ٢٦١ - ٢٨٠].
(٢) رواه أبو داود [٤٠٧٨] والترمذي [١٧٨٥] من حديث أبي الحسن العسقلاني عن أبي جعفر بن محمد بن ركانة: أن ركانة صارع النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال ركانة: وسمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: فرق ما بيننا، وبين أهل الكتاب، العمائم على القلانس، وقال الترمذي: غريب، وليس إسناده بالقائم، وروى أبو داود في المراسيل عن سعيد بن جبير قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالبطحاء، فأتى عليه يزيد بن ركانة، أو ركانة بن يزيد، ومعه أعنز له، فقال له: يا محمد هل لك أن تصارعني، قال: ما تسبقني، قال: شاة من غنمي، فصارعه، فصرعه، فأخذ شاة، فقال ركانة: هل لك في العود، ففعل ذلك مراراً، فقال: يا محمَّد والله ما وضع جنبي أحد إلى الأرض وما أنت بالذي تصرعني، يعني فأسلم، فرد عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- غنمه، إسناده صحيح إلى سعيد بن جبير، إلا أن سعيداً لم يدرك ركانة، قال البيهقي: وروي موصولاً، قلت: هو في أحاديث أبي بكر الشافعي، وفي كتاب السبق والرمي لأبي الشيخ من رواية عبد الله بن يزيد المدني عن حماد، عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مطولاً، ورواه أبو نعيم في معرفة الصحابة من حديث أبي أمامة مطولاً، =

<<  <  ج: ص:  >  >>