للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا عرف ذلك، فإن تعرضا في عقد المناضلة للنوع وبينا نوعاً واحداً من الطرفين، أو من أحد الطرفين، وفَّيَا به، ولا يجوز العدول عن النوع المعين إلى ما هو أجود منه، كما إذ اعينا الفارسية، ففي إبدالها بالعربية وجهان:

أحدهُما: الجواز؛ لأنه انتقالٌ من الأجود إلى ما دونه، وليس فيه إجحافٌ بالآخر.

وأظهرهما: المنعُ، إلا برضا الشريك؛ لأنه ربما كان استعماله لأحد النوعين أكثرَ، ورميه به أجودَ، ولو عينا سهماً أو قوساً من نوع، لم يتعيَّن وجاز إبداله بمثله من ذلك النوع، سواء حدث فيه خلل يمنع من استعماله أو لم يحْدُث، بخلاف الفرس؛ لا يبدل بغيره؛ على ما سبق، فلو شرطا ألاَّ يبدل، فوجهان:

أظهَرُهُما: أن هذا الشرط فاسدٌ؛ لأن الرامي قد تَعْرض له أحوال خفية تحوجه إلى الإِبدال، وفي منعه منه تضييقٌ لا فائدة فيه، فأشبه تعيين المكيال في السَّلَم.

والثاني: أنه صحيح؛ لأنه لا يتعلق غرض بذلك المعين، وتفاوت القوس الشديدة واللينة يقرب من تفاوت العربية والعجمية، فإن أفسدنا هذا الشرط، ففي إفساد العقد وجهان عن صاحب "التقريب".

أحدُهُمَا: إذا فسد جُعِل لغواً، وقدَّر كأنه لم يَجُزْ.

وأظهرُهما: أنه يفسد، وطرد الوجهان في كل ما لو طرح من أصله لا يستقل العقد بإطلاقه، فأما ما لو طرح لم يستقل العقد بإطلاقه، فإذا فَسَدَ، فَسَد العقد بلا خلاف، وذلك مثل ألاَّ يذكر في المسابقة الغاية، وفي المناضلة القرعات، وإن صحَّحنا هذا الشرط، فيجب الوفاء به، ما لم ينكسر المعين وأمكن استعماله، وإذا انكسر جاز الإِبدال للضرورة، وإن شرط أَلاَّ، يبدل، وإن انكسر، فلا تحتمل هذه المبالغة، ويُحْكَم بفساد العقد، ولو أطلقا المناضلة، ولم يتعرضا لنوع ولا عينا فرداً من نوع، فقد أطلق مطلقون وجهين في صحة العقد.

عن ابن القاصِّ: أنه لا يصح؛ لأن الأغراض تتفاوت، والإِصابة بالأنواع والحَذَق في استعمالها يختلف، فلا بُدَّ من البيان، والأظهر وجواب الأكثر: الصحةُ، وقد يوجه بما تكرَّر أن الاعتماد في المناضلة على الرامي، وفي "الحاوي" وعليه جرى الإِمام وصاحب الكتاب: أن الوجهين فيما إذا كانوا يترامَوْن في الناحية بأنواع مختلفة لا غالب فيها، وأما إذا غلب نوع، فالعقد المطلَقُ ينزل عليه، كما ينزل الدراهم المطلقة على النقد الغالب، وكموضع النزول في الإِجارة وغيرها، وإذا قلْنا بالصحة، فليتراضيا على شيء، ثم قيل: ينبغي أن يتراضيا على نوع واحد؛ لأن العقد مبنيٌّ على التساوي، وفي

<<  <  ج: ص:  >  >>