للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . .


= الأنواع الثلاثة، وأيها فعل سقطت به الكفارة.
وواحد منها على الترتيب وهو صوم ثلاثة أيام بمعنى أن الحانث لا ينتقل إلى الصوم إلا بعد ثبوت عجزه عن الأمور الثلاثة قبله وهذا ما يفيده عطف الأنواع الثلاثة الأولى بعضها على بعض "بأو" التي تفيد التخيير وعطف النوع الرابع على الأنواع الثلاثة "بالفاء" المفيدة للترتيب وهذا قدر متفق عليه بين العلماء لانعلم فيهم من يخالف في ذلك.
النوع الأول: الإطعام: اتفقت كلمة الفقهاء على أن الإِطعام في هذه الكفارة مقدر، ولكنهم اختلفوا فيما بينهم، هل هو مقدَّر بالشرع أو بالعُرْفِ؟ ومن قال: إنه مقدر بالشَّرْع اختلفوا فيما بينهم في المقدار الذي يعطى للمسكين الواحد، فمنهم من قال: يعطى المسكين نصف صَاعٍ، أعني: مُدَّينِ من الْبُرِّ، أو صاعاً كاملاً، أعني: أربعة أمداد من غيره كصدقة الفطر، وهم أصحاب الرأي، ومنهم الإِمام أبو حنيفة، وأصحابه.
ومنهم من قال يعطى مُدّاً واحداً من أي صَنْفٍ كان لا فرق بين البُرِّ والشَّعِيرِ وغيرهما، وهو قول أبي هُرَيرَةَ وابن عمر، وزيد بن ثابت، والشَّافِعِىِّ وأصحابه، والإِمام مالك. غير أن المالكية يقولون: ينبغي إذا كان المكفِّر بغير المدينة أن يزيد على المد ثلثه، أو نصفه، فيعطى المسكين مداً وثلث مُدٍّ، أو مداً ونصف مُدٍّ، وقالوا في كفارة الظهار: يزيد ثلثا مدٍّ.
ومنهم من قال: يعطى مداً إذا كان الطعام بُرَّاً، ومدَّين كاملين، إذا كان الطعام من غيره كالتمر، والشعير، وهو الإِمام أحمد.
منشأ الاختلاف:
ومنشأ اختلافهم هذا اختلاف الأحاديث الواردة في تقدير الكفارات الأخرى، وأخذ كل واحد منهم ما ثبت عنده منها، واطمانت إليه نَفْسُهُ.
الأدلة:
استدل الحنفية بما رواه الطبراني من حديث أوس بن الصامت أَنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: "فَأطْعِمْ سِتِّين مِسْكِيناً ثَلاَثِينَ صَاعَاً" قال: لا أملك ذلك إِلا أن تعينني، فاعأنه النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بخَمْسَةَ عَشْرَ صَاعاً، وأعانه الناس، حتى بلغ ذلك المقدار، وفي بعض الروايات أن هذا المقدار كان من الطعام "أي البر".
وروى أحمد وأبو داود من حديث سلمة بن صخر البياضي أن النبي -صلى لله عليه وسلم- له: "فَأَطْعِمْ وسْقاً مِنَ تَمْر بَيْنَ سِتِّينَ مِسْكِيناً" قال: والذي بعثك بالحق لقد بتنا وحشين ما أملك لنا طعاماً، قَالَ: فَانْطَلِق إِلَى صَاحِبِ صَدَقَةٍ بَنِي زُرَيقٍ فليدفعها إِلَيْكَ، فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِيناً وَسْقاً مِنْ تَمْرٍ، وَكُلْ أَنْتَ وَعِيَالُكَ بَقِيْتِهَا".
من هذين الحديثين أخذ الحنفية مذهبم المتقدم؛ لأن الإطعام في كفارة اليمين مقدر بالإطعام في غيره من الكفارات الأخرى، وقد ثبت في حديث أوس أنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أمره بأن يطعَم الستين مسكيناً ثلاثين صاعاً، وثبت عندهم أن الطعام كان من البر، فاقتضى ذلك أن كل مسكين له نصف صاع، وذلك مقدر بمُدَّينِ.
وثبت في حديث سلمة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمره بأن يطعم ستين مسكياً وسقاً من التَّمْرِ وَالْوَسْقُ مِقْدَارَهُ: ستون صاعاً، فيكون للمسكين الواحد صاع أعني أربعة أمداد، وبذلك تم لهم أن =

<<  <  ج: ص:  >  >>