سراويل، أو عمامة، أو جبة، أو قباء، أو مُقَنَّعة، أو إزار أو رداء، أو طَيْلَسَان؛ لأن الاسم يقع على جميع ذلك، وبهذا قال أبو حنيفة، فيما رَوَى بعض الأصحاب، وفي شرْح الصيدلانِّي؛ أن أبا حنيفة -رحمه الله- قال: لا بدَّ من ثوبٍ سابغٍ من دراعة أو جبة، أو إزار، مع رداءٍ، ولا يجزئ الإزار وحْده، والسراويل وحده، وحَكَى القاضي ابن كج: أن أبا حنيفة قال: يَجزئ السراويل، ولا تُجْزئ العمامة، وعند مالكٍ وأحمد: يشترط أن يكون المُعْطَى ساتراً للعورة، وتصح فيه الصلاةُ، فيختلف الحال بذكررة الأخْذ وأنوثته، حتى يجزئ الإزار الواحدُ، إن كان الآخذ ذكراً، ولا يجزئ إن كان أنثَى، ويُحْكَى هذا قولاً عن القديم (١)، وعن رواية البويطِيِّ أيضاً، ويمكن أن يُعْلَم؛ لما بينا قوله في الكتاب "إزارٌ أو سراويلُ" بالحاء والميم والألف والواو.
ولو كان المأخوذ صغيراً يكفي للصغير والرضيع دون الكبير، نُظِر، إن أخذه الوليُّ للصغير، جاز، فإنَّ صَرْفَ طعام الكفارة وكسوتها للصغارِ جائزٌ، كما في الزكاة، ويتولَّى الوليُّ الأخذ، وإن أخذه الصغير لنفسه، فوجهان:
أحدهما: وهو اختيار الشيخ أبي محمد: أنه لا يجوز؛ لقوله تعالى:{أو كِسْوَتُهُم}[المائدة: ٨٩] فأضاف الكسوة إلى مَنْ يَكْتَسِي، وأيضاً، فإن الخرقة الصغيرة تَوَارِي ابْنَ ساعةٍ، ويبعد كل البُعْد أن يكتفي المكفِّر بعَشْرِ خِرَقٍ يعطيها عَشَرةً من الرجال.
وأظهرهما: الجواز، وبه قال القاضي الحسين -رحمه الله- ولا يُشْترط أن يَكتسي الآخِذُ بما يتسلَّمه، ولذلك يجوز أن يعطِيَ الرجال كسوةَ النساء، وبالعكس، ولا يُشترط المَخِيط، بل يجوز إعطاء الكِرْبَاس، ويُسْتحب أن يكون جديدًا خامًا كان أو مقصوراً، فإن كان مستعملاً، نُظِر، إن تخرَّق أو ذهبَتْ قوته بمقاربة الانمحاق، لم يجز؛ لأنه مَعَيبٌ، كالطعام المُسَوِّس، وإن لم ينته إلى ذلك الحدِّ، فيجوز، كالطعام العتيق، كالمرقع لا يجزئ إن وقع للخَرْق والبِلَى، وإن خِيط في الابتداء مرقعاً للزينة وغيره، أجزأه ولو كسا مسكيناً ثوباً لطيفاً مهلهل النَّسْجِ غَيْرَ بالٍ في جنسه، لكنْ مثْلُه، إذا لُبس، لا يدوم إلا بقَدْر ما يدوم الثوب البالي، قال الإِمام: يظهر أن يقول: لا يُجْزئ لضعْف المنفعة فيه.
وأما الجنْس، فيجزئ المتَّخَذ من الصوف، والشَّعْر، والقطن، والكَتَّان والقَزِّ والإِبْرَيْسَم، ولا فرق بين أن يكونَ المدفوعُ إليه رجلاً، لا يحلُّ له لُبْسه، أو امرأةً لأنه
(١) قال النووي: ويجزئ المنديل، صرح به أصحابنا، والمراد به هذا المعروف الذي يحمل في اليد، وقد صرح الدارمي بأن كل واحد من المنديل والعمامة يجزئ.