للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العبْد تُحْسَب من الثلث، فإن وفَّي ثلث الباقي مضموماً إلى الأقلِّ المحْسُوب من رأس المال بقيمة عبدٍ، أُعْتِقَ عنه، وإلا، بطَلت الوصية، وعُدِل إلى الإِطعام أوِ الكسوة، وذلك مثل أن تكونَ الترِكَة أربعين، وقيمةُ أقلِّها قيمةُ عشرةٍ، وهي مع ثلث الباقي عشرون، فإذا وجد بالعشرين رقبةً، نفذنا الوصية، ولو كانت التركةُ مائَتَيْن وثمانين، وقيمةُ الأقلِّ عشرةً، والعشرةُ مع ثلث الباقِي مائةٌ، ووجدنا بالمائة رقبةً مجزئيةً، تنفذ الوصية، وهذا الوجه أقيس عند الأئمة، وبه قال ابن سُرَيْج وأبو إسحاق، وشبَّهوا المسألة بما إذا أوصى أن يحُجَّ عنه من دويرة أهله، ولم يفِ الثلث به، لكن أمكن ضمُّ ما يجب من رأس المال، وهو قيمة حجِّة من الميقات إلى ثلثُ الباقي، وفي المبلغان بحجة من دويرة أهله، فإنه يُضَمُّ وينفذ الوصية، والأصحُّ، وظاهر النص: أن الثلث، إذا لم يَفِ بقيمة العبد بتمامها، تَبْطُل الوصية بالعتق، ووجَّهُوه بأن العتق، أو الإِطعام، أو الكسوة جنسان مختلفان، فلا يُعتبر أحدُهما من رأس المال، والآخر من الثلث؛ لما فيه من الجمع بين الجنسين؛ بخلاف الحج؛ فإنه عبادة واحدةٌ على أن في طريقة الصيدلانيِّ تخريجَ الوجهين، في مسألة الحج، واعلم أن الوصية بالعِتْق في الكفارة المخيَّرة، أوردها صاحبُ الكتابِ في "باب الوصية" على الاختصار، وأتَيْنا هناك بطَرَف من شرْحِها، وتامِه ما بيناه هاهنا والله الموفق.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَمَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ ونِصْفُهُ عَبْدٌ يُكَفِّرُ بِالمَالِ، وَفِيهِ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ أنَّهُ كَالعَبْدِ لاَ يُكَفِّرُ إلاَّ بِالصَّوْمِ.

قَالَ الرافِعِيُّ: من بعضه حرٌّ وبعْضُه رقيقٌ، إن كان مُعْسِراً يُكفِّر بالصوم، وإن كان له مالٌ، فوجهان، وإن شئت، قلتَ: قولان؛ منصوصٌ ومخرَّجٌ:

المنصوص، وهو الظاهر من المذهب: أنه لا يكفِّر بالصوم؛ لأنه واجِدٌ لما يتقدَّم على الصوم، وإنما يُكفِّر بالصوم العاجِزُ عنه، وهذا كما أنه إذا وجد ثمن الماء، لا يجوز أن يُصلِّي بالتيمم، وإذا وجد ثمن الثوب، لا يجوز له أن يُصلِّي عارياً، كالحر، وخرَّج المُزَنِيُّ: أنه يُكفِّر بالصوم، ويُقال: إن ابن سُرَيج -رحمه الله- صَوَّبَه، وساعده، ووُجِّه بأنه ناقصٌ بالرق، وبأن الأداء بحسب اللزوم، واللزومُ يكفي جملته، فكذا الأداء، وحينئذٍ فيكون مخرَّجاً عن بَعْضِيَّةِ الرقيق مالاً, فإن قلْنا بالأول، فيطعم ويكسو.

والمشهور: أنه لا يعتق (١)؛ لأنه يَسْتَعْقِبُ الولاء المتضمِّن للولاية والإِرثِ، وهو


(١) قال الشيخ البلقيني: يستثنى ما إذا قال له مالك بعضه إذا أعتقت عن كفارتك فنصيبي منك حر قبل إعتاقك عن الكفارة أو فنصيبي حر مع إعتاقك عن الكفَّارة فإنه في الأولى يصح إعتاقه عن كفارة نفسه قطعاً، وكذا في الثانية على الأصح.

<<  <  ج: ص:  >  >>