للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلَ الزُّورِ} [الحج: ٣٠] وإذا ثبت من رجل أنه شهد بالزور، عزَّره القاضي بما يراه من حَبْسٍ وضربٍ وتوبيخٍ، ويشهر حاله، ويأمر بالنداء عليه في سوقه، إن كان من أهل السوق أو قبيلته أو مَسْجِدِهِ، إن كان من أهْل المسجد، تحذيرًا للناس، وتأكيدًا للأمر.

وإنما يثبت شهادة الزور بإقرار الشاهد أو بيقين القاضي؛ بأن شهد عَلَى أنَّ فلانًا زنا يَوْمَ كذا بالكُوفَةِ، والقاضي قد رآه في ذلك اليوم ببغْدَاد، هكذا أطلقه الشافعيُّ -رضي الله عنه- والأصحابُ -رحمهم الله-: ولَمْ يخرجوه على أن القاضِيَ؛ هل يحكم بعلمه؟ ولا يغنى قيام البيِّنَة على أنه شهد بالزور، فقد تكون هذه البينة بينَةُ زُور.

ويجوز إعلام قوله في الكتاب: "عزره، ونادى عليه" بالحاء؛ لأن عن أبي حنيفة: أنه لا يُعَزَّر شاهد الزور، ولا يُنَادَى عليه.

قَالَ الغَزَالِيُّ: التَّاسِعُ: لا يَقْضِي لِوَلَدِهِ وَلا عَلَى عَدُوِّهِ بَلْ يُحِيلُ عَلَى غَيْرِهِ، فَإنْ قَضَى بِنَفْسِهِ فَفِي النُّفَودِ وَجْهَانِ، فَإِنْ مَنَعْنَا قَضَاءَهُ فَفِي نائِبِهِ وَجْهَانِ، وَوَصِيُّ اليَتِيمِ إِذَا وَليَ القَضَاءَ قَضَى لِلَيتِيمِ عَلَى الأَصَحِّ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: فيه صور:

إحداها: لا ينفذ قضاءُ القاضي لنفسه (١)، ولا لمملوكه القنِّ (٢)، وغير القنِّ، ولا


(١) استثنى الشيخ البلقيني من قضائه لنفسه صورًا يتضمن حكمه فيها لنفسه، وهو نافذ:
الصورة الأولى: الحاكم يحكم لمن تحت نظره بجهة الحكم من يتيم ومجنون وسفيه بالمال وإن تضمن ذلك أن يستولي على المال ويتصرف فيه.
الصورة الثانية: وصي اليتيم يتولى القضاء في البلد التي فيها اليتيم فهل له أن يسمع البينة ويحكم لليتيم فيه وجهان:
أحدهما: وبه أجاب ابن الحداد المنع، وصوبه القاضي أبو الطيب وقال إن خلافه ليس بصحيح لأنه إذا حكم فقد أثبت الولاية لنفسه على ذلك المال والتصرف فيه وصحح المصنف في الروضة تبعًا للشرح الجواز، وبه قال القفال وصححه الغزالي لأن القاضي يلي أمر الأيتام كلهم، فإن لم يكن وصيًا من قبل فلا تهمة وعلى هذا التصحيح أوردنا هذه الصورة على إطلاق المنهاج، والأرجح عندنا ما قاله ابن الحداد وفاقًا للقاضي أبي الطيب وفي المطلب أنه الراجح إلى آخر ما قاله، والمصنف يوافق في ذلك الشيخ السبكي، وهذه الصورة ذكرها الشيخ المصنف فيما بعد فلا ترد عليه، ثم قال الشيخ البلقيني:
الصورة الثالثة: الأوقاف التي يجب نظر الحكم بجهة حكم يقتضي فيها بالمال على من عليه من مستأجر أو غيره، وإن كان يتضمن الحكم لنفسه لأنه إنما يستفيد ذلك بجهة الحكم ولهذا إذا انعزل انقطع تصرفه وهي نظير المسألة الأولى بالنسبة إلى محجور الحكم.
الصورة الرابعة: ناظر وقف خاص تولى الحكم ارتفعت إليه قضية تتعلق بالوقف الذي هو ناظره =

<<  <  ج: ص:  >  >>