للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لبعض أبعاضه، أن يَنْظُرَ فيه الإِمام، أو قاضِي بلدةٍ أخْرَى، وفي نائبه وجهان:

أحدهما: أن ما لا يجوز له لا يَجُوزُ لنائبه.

وأظهرهما: الجواز؛ لأنه حاكمٌ، وإن كان نائبًا، فأشبه سائر الحكَّام.

وبَنَوْا هذا الخلافَ على أن نائب الحَاكِم؛ هل يَنْعَزِل بموته وانعزاله؟ إن قلْنَا: لا، فقد ألحقْنَا بالحكَّام المستقبلين.

الثالثة: كما لا يقضي لولده، لا يقضي على عدُوِّه، اعتبارًا بالشهادة، هذا هو المشهور والمذكور في الكتاب، وقال القاضي الماوَرْدِيُّ في "الأحكام السلطانية": يجوز له أن يحكم عليه، بخلاف الشهادة؛ لأن أسباب الحكم ظاهرة، وأسبابَ الشهادةِ خفيَّةٌ، وهذا يشكل بالتسوية بينهما في حَقِّ الأبعاض.

الرابعة: إِذا كانَ لليَتِيمِ وَصيٌّ، فَولَى قضاءَ البَلْدَة، فهل له أن يَسْمَع البَيِّنَة لليتيم ويحكم له؟ فيه وجهان:

أحدهما: وبه أجاب ابن الحَدَّاد: لا؛ لأنه إذا حَكَم، فقد أثبت الولاية لنَفْسِهِ.

وأصحُّهما: نعم، وبه قال القَفَّال؛ لأن القاضي يَلِي أمر الأيْتام كلِّهم، وإن لم يكن وصيًّا من قبل، فلا تُهْمَةَ والله أعْلَمُ.

قَالَ الغَزَالِيّ: العَاشِرُ أَلاَّ يَنْقُضَ قَضَاءَ نَفْسِهِ وَقَضَاءَ غَيْرِهِ إِلاَّ إِذَا خَالَفَ أَمْرًا مَقْطُوعًا بِهِ أَوْ مَظْنُونًا بِخَبَرٍ وَاحِدٍ أَوْ بِقِيَاسٍ جَلِيٍّ، وَلَمْ يَنْقضْ عُمَرُ قَضَاءَهُ فِي مَسْأَلَةِ المُشَرِّكَةِ، والنَّصُّ أَنَّهُ يَنقُضُ قَضَاءَ مَنْ حَكَمَ بِنِكَاحٍ المَفْقُودِ زَوْجُهَا بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ مَعَ أنَّهُ مَذْهَبُ عُمَرَ، وَيُنْقَضُ قَضَاءُ الحَنَفِيِّ فِي خِيَارِ المَجْلِسِ والعَرَايَا وَذَكَاةِ الجَنِينِ لِظُهُورِ الخَبَرِ، وَفِي القَتْلِ بالمُثَقَّلِ لِظُهُورِ القِيَاسِ، وَإِذَا لَمْ يَنْقَدِحْ في نَفْسِهِ إمْكَانُ الصَّوَابِ انْقِدَاحًا لَهُ وَقْعٌ مَا، فَلَهُ النَّقْضُ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: الفصل يحوج إلى التعرُّض لقواعد:

إحداها: الأصول التي يَقْضِي بها القاضي، ويفتي بها المُفْتِي؛ كتاب الله تعالى، وسنّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والإجْمَاعُ والقياسُ، وقد يقتصر على الكتابِ والسُّنَّة، ويُقَال: الإِجماعُ يَصْدُر عن أحدهما، والقياس الردُّ إلى أحدهما فهما الأصلان.

وهاهنا مسألتان:

إحديهما: قول الواحد من الصحابة، إن لم ينتشر فيهم فهل هو حجة؟ فيه قولان:

<<  <  ج: ص:  >  >>