للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّه، إذا اقتدى الحنفي بالشْفَعَوِيِّ تعين (١) اعتقاد الإِمام اعتقاد المأموم، وإذا منَعْنا النفاذ باطنًا، أما مطلقًا أو في حق من لا يعتقده، فلا يحل للشافعيِّ الأخذُ، إذا حكم له الحنفيُّ بشفْعَة الجوار، أو بالتَّوْرِيثِ بالرَّحِمِ، وهذا ما أورده في الكتاب.

والأصحُّ عند جماعة؛ منهم صاحب "التهذيب"، والشيخ أبو عاصم العباديُّ: أنه ينفذ باطنًا في حقِّ من يعتقده، وفي حق من لا يعتقده، وإذا قيل بما في الكتاب، فمنعه القاضي ظاهرًا؛ لاعتقاده أو لا يمنعه لاعتقاد نَفْسه، حكي في "الوسيط" فيه ترددًا، والصحيحُ: أنه لا يُمْنَعُ ومَنْ منعه، فقد قال: لا ينفذ القضاءُ في حقِّه، لا ظاهرًا، ولا باطنًا (٢).

وقوله في الكتاب: "ثم الحكم عند الله تعالَى في الباطن لا يتغيَّر مُرَتَّبٌ؛ على الكلام في الحُكْم الذي يُنْقَضُ، والذي لا يُنْقَضُ، إشارةً إلى أنه، وإن لم ينقض في الظاهر فإنَّه لا يُحِلُّ الحكْمَ في الباطن.

وليُعْلَمْ قوله: "ولا يَحِلُّ للشَّفْعَوِيِّ شُفْعة الجَارِ" بالواو، وكذا قوله: "ولكنَّ القاضي لا يمنعه من الطلب" لما قد تبين.

فَرْعٌ: قال في التهذيب: هل يُقبَل شهادة الشاهد على ما لا يعتقده كالشافعي يشهد بشفعة الجار؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا كما لا يقضي القاضي بخلاف ما يَعْتَقِدُه.

والثاني: نعم؛ لأنه مجتهد فيه والاجتهاد إلى الشاهد (٣).

فَرْعٌ: لو تقدَّم إلى القاضي خَصْمَان، وقالا: بَيْنَنَا خصومةٌ في كذا ففصلها القاضي الذي كان بيننا، وحكم بكذا، ولكنَّا نريد أن نستأنف الحُكْم بيننا باجتهادك، ونرْضَى بحكمك واجتهادِكَ، فهل يجيبهما إليه، أو يتعيَّنُ إمضاء الحكم الأول، ولا يُنْقَضُ الاجتهادُ بالاجتهادِ؟ حكى القاضي ابن كج فيه وجْهَيْنَ:

أشبههما: الثاني.

هذا تمام الكلامِ في الآداب العَشَرَةَ الَّتي أودعها هذا الفَصْل، وهي غير محتومة إلا


(١) في ز: يعتبر.
(٢) سقط من: أ.
(٣) قال النووي: الأصح القبول. والله أعلم.
وللشهادة حالان:
أحدهما: أن يشهد بنفس الجوار وهو جائز.
ثانيهما: أن يشهد باستحقاق الأخذ بالشفعة أو بشفعة الجوار، وينبغي عدم جوازه لاعتقاده خلافه، كذا قاله الأسنوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>