للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في كل ركعتين، ولم يتحلل وجلس في الأخيرة أيضاً، لم يكن له ذلك، فإنه خلاف المنقول، وذكر في "التهذيب" وجهاً آخر: أن له ذلك، كما في النافلة الكثيرة الركعات:

المسألة الثالثة: الإيتار بثلاث مفصولة أفضل أم بثلاث موصولة؟ ففيه وجوه:

أظهرها -وهو الذي ذكره أصحابنا العراقيون والصيدلاني-: أن المفصولة أفضل، لما روي عن ابن عمر، وابن عباس -رضي الله عنهم- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "والْوَتْرُ رَكْعَةٌ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ" (١).

وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "كَانَ يَفْصِلُ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (٢)، وَكَانَ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- يُسَلِّمُ، وَيأْمُرُ بَيْنَهُمَا بِحَوَائِجِهِ" (٣).

والثاني: وبه قال أَبُو زَيْد، [ويحكى عن نصه في القديم-: أن الثلاث الموصولة أفضل، لأن العلماء اتفقوا على جوازها واختلفوا في إفراد الواحدة فالاحتراز عن الخلاف أولى.

والثالث-] (٤) ونسبه الموفق ابن طاهر إلى الخضري، والشريف ناصر العمري (٥) -رضي الله عنه- أن الثلاثة الموصولة أفضل؛ لأن العلماء اتفقوا على جوازها، واختلفوا في إفراد الواحدة، فكان الوصل أولى.

والثالث: ويحكى عن الشافعي، ونصه في القديم-: أنه إن كان منفرداً، فالفصل أفضل، وإن كان يصلي بقوم فالوصل أفضل؛ لأن الجماعة تنظم أصحاب المذاهب المختلفة، فالإيتار (٦) بالمجمع عليه أولى، وعكس القاضي الروياني هذا فقال: أنا أصل إذا كنت منفرداً، وإذا كنت في الجماعة أفضل؛ كيلا يتوهم خلل فيما صار إليه الشافعي


(١) أخرجه من حديث ابن عمر مسلم (٧٥٢) ومن حديث ابن عباس (٧٥٣).
(٢) أخرجه أحمد (٥٤٨١) وابن حبان أورده الهيثمي في الموارد (٦٧٨، ٦٧٩).
(٣) أخرجه البخاري (٩٩١).
(٤) سقط من "ب".
(٥) أبو الفتح، ناصر بن الحسين بن محمد المعروف بالشريف العمري، من ولد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-. تفقه بمرو على القفّال، ونيسابور على الزيادي وأبي الطيب الصعلوكي، ودرس في حياتهما، وتفقه به خلق كثير وصار عليه مدار الفتوى والتدريس والمناظرة وصنف كتباً كثيرة، وكان فقيراً، قانعاً باليسير متواضعاً، خيراً. توفي بنيسابور في ذي القعدة سنة أربع وأربعين وأربعمائة، ذكره عبد الغافر في "الذيل" وذكر في "العبر" نحوه، وذكره النووي فيما زاده على "طبقات ابن الصلاح" ولد سنة سبع عشرة وأربعمائة، وتوفي يوم الجمعة بعد الصلاة، سنة سبع وسبعين وأربعمائة. الأسنوي (٨٠٣). راجع ترجمته في طبقات العبادي ص ١١٢، العبد (٣/ ٢٠٨).
(٦) في "ب" الإتيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>