للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كانت الأنصباء مختلفةً، كما إذا كان لزيْدٍ نِصْفٌ، ولعمرو ثلثٌ، ولثالثٍ سدسٌ فيجزئ القسام الأرض عَلَى أقل السهام، وهو سدس؛ لأنه ينادي به القليل والكثير، فيجعلها ستةَ أجزاءٍ، ثم نص الشافعيُّ -رضي الله عنه- أنه يثبِت أسماء الشركاء في رقاع، ويُخرج الرقاع على الأجزاء، وقال في العتق: يُكْتَبُ على رقعتين رقٌّ، وعلى رقعة حريةٌ، ويخرج على أسماء العبيد، ولم يقل: ويُكْتَبُ أسماء العبيد، وفيها طريقان للأصحاب:

أحدهُما: أنها على قولَيْن بالنقل والتخريج، ففي قول: يُثبتُ أسماءَ الشركاء والعبيد، وفي الثاني: يثبت الأجزاءَ هاهنا، والرق والحرية هناك، وعامتهم فَرَقُوا، وقالوا: في العتق يسلك ما شاء من الطريقَيْن، وهاهنا لا يثبت الأجزاء على الرقاع؛ لأنه لو أثبتها وأخرج الرقاع على الأسماء، فَرُبَّمَا يخرج لصاحب السُّدُس الجزء الثاني أو الخامِسُ، فيفرق ملك مَنْ له النصفُ والثلُثُ أيضاً، قال في "المهذَّب": لو جعلْنا ذلك، ربَّما خرج السهمُ الرابع لصاحب النصف، فيقول: آخذه وسهْمَيْنِ قبله، ويقول الآخران: بل خُذْهُ وسهمين بعْده، فيقضي إلى التنازع، وهذا الخلاف في الجواز أو الأولويَّة؟ وعبارةُ كثيرٍ من شيوخنا تُشْعِر بوضع الخلاف في الجوازِ، وذكر طائفةٌ منهم الإِمامُ وصاحِبُ الكتابِ -رحمهما الله- أنه في الأولويَّة، وهو الأولَى، وسنوضح ما يحصل به الاحتراز عن تفريق الملك، وأما ما ذكره في "المهذَّب" فيجوز أن يُقَالَ: لا يبالَى برأي الشركاء، بل يتبع نظر القسام، كما في الجزء المبتدأ به، واسم الشريك المبتدأ به، فإن أثبت أسماءَ الشركاءِ، فمن تأمل: يثبت أسماءهُمْ عَلَى ثلاثِ رقاعٍ، ويأمر بإخراج رقعةٍ على الجزء الأول، فإن خرج اسمُ صاحب السُّدُس، أخذه، وأخرجت رقعة على الجزء الثاني، فإن خرج اسم عمرو أخذه، وأخذ الجزءَ الثالث معه، وتعيَّنت الثالثة الباقية لزيد، كان خرج اسمُ زَيْدٍ، أخذ الثاني والثالث والرابع، وتعيَّن الآخران لعمرو وإان خرج أولاً اسم عمرو، أخذ الأول، والثاني، ثم تُخْرَجُ رقعة على الجزء الثالث، فإن خرج اسْمُ الثالث، أخذه، وتعيَّنت الثالثة الباقية لزيد، وإن خرج اسم زيدٍ، أخذ مع الرابع والخامس، وتعين السادسُ للثالِثِ، كان خرج أولاً اسم زيْدٍ، أخذ الأوَّل والثاني والثالث، ثم يخرج رقعة على الرابع، فإن خرج اسمُ الثالث، أخذه، وتعيَّن الآخران لعمرو، وإن خرج اسم عمرو، أخذ الرابع والخامس، وتعيَّن السادس للثالث، ومن قائلٍ: يثبت أسماءَهم في ستِّ رقاع، اسم زيد في ثلاث، واسم عمروٍ في اثنين، واسم الثالث في واحدة، ويخرج على ما ذكرنا، وليس في هذا إلا أن اسم زيد يكون أسْرع خروجاً، لكن سرعة الخروج لا توجب حَيْفاً؛ لأن السهامَ متساويةٌ، فالوجْهُ تجويزُ كلِّ واحد من الطريقَيْنِ، وإن أثبت الأجزاء في الرقاع، فلا بدّ من إثباتها من ست رقاع، وحينئذٍ فالتفريقُ المحذور لازم، وإنما يلزم إذا خرج أولاً اسمُ صاحب السُّدُس، وهو مستغنٍ عنه، بأن يبدأ باسم صاحبِ النِّصْف، فإن خرج الأول باسمه، فله الأول

<<  <  ج: ص:  >  >>