وكذا المعْسِرِ قبل الحجْرِ في أصحِّ الوجهين؛ لأن قبل الحجْرِ يتعلَّق الحقُّ بذمته لا بعَيْن أمواله.
والثاني: المنع؛ لأن المِعْسر لا مطالبة عَلَيْه، فإذا أثبت له شيئاً، أثبت لنفسه المطالبة، ولا تُقْبَلُ شهادةُ الضَّامِن للمَضْمُون عنْه بالأداء أو الإِبْرَاء ولا شهادة الوكيل للموَكِّل فيما هو وكيلٌ فيه، ولا شهادةُ الوصِّي والقيِّم في محلِّ تصرُّفهما، ولا شهادة الشريك لشريكه فيما هو شريكٌ فيه بأنْ يقولَ: هذه الدارُ أو العبْدُ بَيْنَنَا، ويجوز أن يشهد بالنصْف لشريكه، ولا تُقْبَلُ شهادةُ الشريك لشريكه ببَيْع الشِّقْصِ ولا للمشْتَرِي من شريكه؛ لأن شهادتَهَ تتضمَّن إثباتَ الشُّفْعَة لنَفْسِه، فإن لم يَكُنْ فيه شفعةٌ بأن كان ممَّا لا ينقسم، قال الشيخ أبو حامد: يُقْبَل، وكذا لو عفا عن الشفعة، ثم شَهِد، ولو شَهِد أن فلاناً جرح مورثه، لم يُقْبَل للتهمة، ولو شَهِدَ بم الآخر لمورثه المجروح أو المريضِ، نُظِر؛ إن شهد بعد الاندمال، قُبِلَ، إلا أن يكون من الأصول أو الفروع، وإن شَهِدَ قبل الاندمال، فوجهان:
أحدُهُما: وبه قال أبو إسحاق: لا تُقْبَلُ كما لو شَهِدَ أن مورثه جرح.
وأصحُّهُمَا: القبول، والفرق أن الجرح سببُ المَوْتِ الناقل للحقِّ، فإذا شهد بالجرح، فشهادته بالسبب الناقل للحق، وهاهنا بخلافه، وهذا الوجْهُ هو الذي أورده صاحبُ الكتاب هاهنا، وذكر الوجهين معاً في كتاب "دعوى الدم" وفي شرح "أدب القضاء" لأبي عَاصم العبَّاديِّ أنه لا تُقبلُ شهادة المودع للمودع، إذا نازعه أجنبيٌّ في الوديعة؛ لأنه يستديم اليَدَ لنفسه وتنقل للأجنبي في الوديعة وكذا شهادة المرتهن للرَّاهن، لا تُقبلُ، ويقبلُ للأجنبيِّ، وأنَّ شهادة الغاصِب على المَغْصُوب منْه لا تقبل لفسْقه، ولأنه ينقل الضمان الثابِتَ علَيْه من المستحقِّ إلَى غيره، ويدفع مؤنة الرِّدِّ، فإِن شهد بعد الردِّ، قُبِلَتِ الشَّهَادة، وإنْ شَهِدَ بعْد التلف، لم تُقبلْ، لنقل الضمان، وأنَّ شهادة المشتري شراءً فاسداً بعْدما قبض لا تُقْبل للأجنبيِّ؛ لمثل ذلك، وأنَّ شهادةَ المشتَرِي شراءً صحيحاً بعْد الإِقالَةِ والرَّدِّ بالعَيْب لا تُقْبَل للبائع؛ لأنه يستبقي لنفسه الغلاَّتِ والفوائَد، إذا كان المدَّعِي يدعي المِلْكَ من تاريخ متقدِّمٍ على البيع، ولو شهد بعد الفسخ بخيارِ الشرطِ أو المجلسِ، فوجهان؛ بناءً على أنه يرفع العقْدَ من أصله وترتد الفوائدُ إلى البائع لا مِنْ حينه، أَمْ من حينه ولا ترتدُّ، وأنه لو كان لميت دَيْنٌ على شخصَيْن، فشهد أجنبيان لرَجُلٍ بأنه أخو الميِّت، ثم شهد الغريمان لآخر بأنَّه ابْنُهُ، لم تُقْبل شهادة الغريمَيْن؛ لأنهما ينقلان ما وجَب للأخِ عليهما إلَى من يشهدان له بالبنوَّة بخلاف ما لو تقدَّمت شهادة الغريمَيْن، وأنه لا تُقْبَلُ شهادة الوارثين عَلَى موت المورِّث وشهادة المَوصَى لهما على موت المُوصِي، وتُقبل شهادةُ الغريمَيْن علَى موت من له