لأن الولَدَ ومالَهُ لأبيه (١)، وهذه رواية عن أحمدَ -رحمه الله- وعنه روايةٌ أخرَى كمذهبنا روايةٌ ثالثة أنها تقبل من الطرفَيْن، إذا لم يظهرْ تهمةٌ بأن شهِدَ بالنكاح أو الطلاق أو شَهِدَ بالمال، وهو غنيٌّ، ولا تُقْبَلُ شهادةُ الوالِدِ للولَدِ وبالعكس، ولا تُقْبَلُ الشهادة لمكاتَبِ الولَدِ والوالِدِ وما دونَهُما، ولو شهِدَ اثنانِ أنَّ أباهما قذَفَ ضرَّةَ أمِّهِما، ففي قبول شهادَتِهما قولانِ، ويُقَالُ: إن المُزنيَّ نقلهما في "الجامع الكبير":
أحدُهُما: المنع؛ لأن القبول يُحْوِجُه إلى اللِّعان، وأنه سببُ الفرقة فشهادَتُهما تجرُّ نفعاً إلَى أمهما.
وأصحُّهُمَا: القبولُ ولا عبرةَ بمثل هذا الجرِّ وذكر في "المهذَّب"؛ أن الأول من القولَيْن القديمُ.
والثاني: الجديدُ، ويجربان فيما لو شهد أنَّه طلَّق ضَرَّةَ أمِّهما وخالَعَها، ولو ادَّعت امرأةٌ بالطلاق، وشهد لها ابناها، لم تُقْبَلْ شهادتُهما، ولو شهِدَا حسبةً ابتداءً قُبِلَتْ، وكذلك الرِّضاع، ولو شهِدَ الأبُ مع ثلاثةٍ على زوجة ابنه بالزنا، فإن سبق من الابن
(١) حديث: أنت ومالك لأبيه، ابن حبان من حديث عطاء عن ابن عباس وابن ماجة وبقي بن مخلد والطحاوي من طريق يوسف بن أبي إسحاق عن ابن المنكدر عن جابر، قال الدارقطني في الأفراد: غريب من حديث يوسف، تفرد به عيسى بن يونس، ورواه البزار من طريق هشام بن عروة عن ابن المنكدر، وقال: إنما يعرف عن هشام عن ابن المنكدر مرسلاً، وكذا أخرجه الشافعي عن ابن عيينة عن ابن المنكدر مرسلاً، وقال: ابن المنكدر غاية في الفضل والثقة، ولكنا لا ندري عمن قبل حديثه هذا، قال البيهقي: قد روي من أوجه أخر موصولاً لا يثبت مثلها، وأخطأ من وصله عن جابر، وقاله ابن أبي حاتم عن أبيه، وروى الطبراني في الصغير من طريق حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم عن علقمة، عن ابن مسعود أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لرجل: أنت ومالك لأبيك، وفيه معاوية بن يحيى وهو ضعيف، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه إنما هو حماد عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة بلفظ، إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وان ابنه من كسبه، فأخطأ فيه إسنادًا ومتناً، انتهى. وحديث الأسود أخرجه أبو داود وابن حبان والحاكم كما سيأتي في النفقات، وروى ابن أبي حاتم في العلل من طريق أخرى عن عائشة مرفوعاً: إنما أنت ومالك سهم من كنانته، ونقل عن أبيه أنه منكر، وقال الدارقطني: روي موصولاً ومرسلاً، والمرسل أصح، ورواه الطبراني في الكبير والبزار من حديث ابن عمر، وسمرة بن جندب، وقال العقيلي بعد تخريجه من حديث سمرة: في الباب أحاديث وفيها لين، وبعضها أحسن من بعض، وأخرج أبو يعلى حديث ابن عمر أيضاً، ورواه أحمد وأبو داود وابن ماجة والبزار، من حديث مطر عن عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب عن عمر، قال البزار: لا نعلمه يروى عن عمر إلا من هذا الوجه، وقد رواه غير مطر، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وروى البيهقي من طريق قيس بن أبي حازم قال: حضرت أبا بكر الصديق قال له رجل: يا خليفة رسول الله إن هذا يريد أن يأخذ مالي كله ويجتاحه، فقال له أبو بكر، إنما لك من ماله ما يكفيك -الحديث- وفيه: أنت ومالك لأبيك، مرفوعاً، في إسناده المنذر بن زياد الطائي متروك.