للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله في الكتاب: "والصغير المميز، هل يُقْبَل دعواه الحرية"؟ أي: هل يُؤثر كلامه حتى يحتاج مُدَّعِي الرِّقِّ إلى البَيِّنَةِ؟ أو يُجْعَل لَغْواً؟ وقد يُبْنَى الوَجْهَانِ على الخلاف، في صِحَّةِ إِسْلاَمِهِ، وتَدْبِيرِهِ.

وقوله: "فالصَّحِيحُ أنه إذا بَلَغَ سُمِعَت، وصُدِّقَ بيمينه"، يعني أنه يُعْتَبَرُ إِنْكَارُهُ، حينئذ، فيحتاج المُدَّعِي إلى البَيِّنَةِ، فإن لم تكن بَيِّنَةٌ، حلف، وحُكِمَ بِحُرِّيَّتهِ.

وهذه المسألة مُكَرَّرَةٌ؛ قد ذكرها مَرَّةً في كتاب اللَّقِيطِ، لكنه أَرْسَلَ ذِكْرَ الوجهين هناك وهاهنا رَجَّحَ اعتبار إنْكَارِهِ، وتصديقه بيمينه، والأَرْجَحُ عند أكثرهم خلافه.

وقوله: "ولا تأثير لليد"، أي: ليَدِ المدعى [ولا لإبطال الدعوى] (١) السابقة الجَارِيةِ في حال التَّمْيِيزِ.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: الثَّامِنَةُ: الدَّعْوَى بالدَّيْنِ المُؤَجَّلِ فِيهِ وَجْهَانِ؟ لِأَنَّهُ لاَ يَلْزَمُ بِهِ شَيْءٌ فِي الحَالِ، وَدَعْوَى الاسْتِيلاَدِ تُسْمَعُ، وَدَعْوَى التَّدْبِيرِ وَتَعْلِيقِ الْعِتْقِ بِصِفَةٍ كَالدَّيْنِ المُؤَجَّلِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: في سَمَاعِ الدَّعْوَى بالدَّيْنِ المُؤَجَّلِ وَجْهَانِ:

أحدهما: المَنْعُ؛ لأنه لا يَتَعَلَّقُ بها إِلْزَامٌ في الحال، ومُطَالَبَةٌ.

والثاني: يُسْمَع، ليثبت في الحَالِ، ويُطَالَبُ في الاستقبال، وقد يَمُوتُ مَنْ عليه فيتعجل (٢) الطَّلَبَةُ، وبهذا أَجَابَ بَعْضُ أصحاب الإِمَامِ.

والأول هو الجواب في فَتَاوَى القَفَّالِ.

وذكر القاضي أبو سَعْدٍ الهَرَوِيُّ: أنه الأصح.

وفيه وَجهٌ ثالث: وهو أنه إن كانت له بَيَّنَةٌ، فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ، ليُسجَّل، فيأمن غيبتها وقولها، وإن لم يكن، فلا تُسْمَعُ. وفي دعوى الجَارِيةِ الاسْتِيلاَد، والرَّقيق والتَّدْبِير وتَعْلِيقِ العِتْقِ بالصِّفَةِ، فيه طريقان:

أحدهما: أنها تُسْمَعُ؛ لأنها حُقُوقٌ نَاجِزَةٌ تَرْتَبِطُ بها الدَّعْوَى.

والثاني: أنها على الخِلاَفِ في دَعْوَى الدَّيْنِ المُؤَجَّلِ؛ لأن المَقْصُودَ منها العِتْقُ في المستقبل، والاسْتِيلاَدِ، أولاها بأن تُسْمَعَ دعواه، لتتنجز آثَارُهُ من انتفاع (٣) البيع، والرَّهْنِ، وغيرهما.

ولذلك اخْتَارَهُ في الكتاب وفي الاسْتِيلاَدِ بالطَّرِيقَةِ الأُولى، وفي التَّدْبِيرِ وتَعْلِيقِ


(١) سقط في: ز.
(٢) في ز: متعجل.
(٣) في ز: امتناع.

<<  <  ج: ص:  >  >>