للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعنه: أن من أُقِيمَ عليه البَيِّنَةُ بألف. فقال: عَلَيَّ أَلْفٌ، لكنه مُؤَجَّلٌ، فَحَلَّفُوهُ أنه مُعَجَّلٌ، فقد سقط أَثَرُ الشهادة. وهذا شخص أَقَرَّ لغيره بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ، ففي قَبُولِ قَوْلِهِ في الأَجَلِ قولان؛ إن قبلناه، فله تَحْلِيفُ المُدَّعِي على نفي الأَجَلِ (١).

قَالَ الْغَزَالِيُّ: التَّاسِعَةُ لَوْ سَلَّم ثوْباً قِيمَتُهُ خَمْسَةً إلَى دَلاَّلٍ لِيَبِيعَهُ بِعَشَرَةٍ فَجَحَدَ فَلَهُ أنْ يَقُولَ: لي عَلَيْه ثَوْبٌ إِنْ تَلِفَ فَعَلَيْهِ خَمْسَةٌ وَإِنْ بَاعَ فَعَلَيْهِ عَشَرَةٌ إنْ كَانَ قَائِمَاً فَعَلَيْهِ رَدُّ الثَّوْبِ وَيَقْبَلُ مَعَ التَّرَدُّدِ لِلحَاجَةِ، وَقِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ يُعَيِّنَ كُلَّ قَسَمٍ فِي دَعْوَى، ثُمَّ إِذَا نَكَلَ عَنْ وَاحِدٍ فَلَهُ أَنْ يَسْتَدِلَّ بنُكُولِهِ عَلَى كَذِبِهِ فَيَحَلَّفَ فِيهِ وَجْهَان.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: مسألة الدّلال هذه قد ذكرناها مع أختها التي أَوْرَدَهَا في الكتاب في آخر الرّكْنِ الرابع من "باب القَضَاءِ على الغَائِبِ"؛ وهي أن يَتَرَدَّدَ في بقاء العَيْنِ، ولا يدري، أَيُطَالبُ بالعَيْنِ أو القيمة؟ وبَيَّنَّا أن أَقْرَبَ الوجهين أنه يَجُوزُ أن يدعي على التمثيل فيقول: غُصِبَ مِنِّي كذا. فإن بقي، فَعَلَيْهِ رَدُّهُ، إلا قيمته، أو مِثْلُهُ.

ويقول في هذه المسألة: أخذ مني ثَوْباً، فعليه رَدُّهُ، أو ثمنه، أو قِيمَتُهُ.

والوجه الثاني: أنه لا بد في الدَّعْوَى في طلب جَازِمٍ؛ فيفرد لكل وَاحِدٍ من المطالب دَعْوَى بِرَأْسِهَا. فإن قلنا بالأول، فإنما أنكر المُدَّعَى عَلَيْه، ولا بَيِّنَةَ، يحلف على نَفْي الجميع، وإن نكل ردت اليَمِينُ على المُدَّعِي، فيحلف على التَّرَدُّدِ. كما إذا ادَّعَى على التَّرَدُّدِ، أم لا بد في الحَلِفِ من التعيين؟

حكى الإِمام فيه وَجْهَيْنِ.

فإن قلنا: نفرد لكل مَطْلَبٍ دَعْوى، فإذا ادَّعَى ما رآه أقرب، ونكل الخَصْمُ، فنكوله يُؤَكِّدُ ظَنّ المدعى بكذبه، فهل له أن يَحْلِفَ اليمين المَرْدُودَةَ بذلك؟

فيه وجهان:

أشبههما: نعم اسْتِدْلاَلاً بنكوله على كَذِبهِ، كما يُسْتَدَلُّ بِخَطِّ أبيه. وأُجْرِيَ الوجهان فيما إذا أنكر المودع التَّلَفَ وتأكد ظَنُّهُ بَنكول المودع، هل يَحْلِفُ اليَمِين المردودة؟ وفي فَتَاوَى القَفَّالِ: أنه لو ادَّعَى ثَوْباً، فقال: كان في يَدِي، وقد هَلَكَ فأغرم القيمة -فقال المدعى للحاكم: قد أَقَرَّ بالثَّوْب، فحلفه، أنه لا يلزمه تَسْلِيمُ الثوب إلى حَلِفِهِ، فإن حلف، مُنِعَ منه بالقيمة، وإن نَكَلَ وحلف المدعى على بَقَاءِ الثوب، طُولِبَ بالعَيْنِ، والله أعلم.


(١) قال في القوت: هكذا وقع في كتاب الرافعي على كثرة نسخه، وفيه خلل وهو أنه يقال إن قبلناه فالقول قوله فيه مع يمينه، وإلا فله تحليف المدعي على نفي الأجل، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>