للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن أَوْلَدَهَا، ثم كَذَّبَ نَفْسَهُ، لم يُقْبَلْ قوله في إِبْطَالِ حرية (١) الولد، وفي الاسْتِيلاَدِ؛ لأن إِقرَارَة لا يلزم غيره، ولكن عليه قيمة (٢) الوَلَدِ والأم مع المَهْرِ، وليس له وَطْؤُهَا بعد ذلك، إلا أن يَشْتَرِيَهَا منه، وتُعْتَقُ بموته، وَوَلاَؤُهَا مَوْقُوفٌ. وإن وَافَقَتْهُ الجَارَيةُ في الرجوع، ففي بطلان الاسْتِيلاَدِ وجهان:

أظهرهما: المنع، ولا يَرْتَفِعُ الاسْتِيلاَدُ المَحْكُومُ به برجوع محتمل.

والثاني: يبطل؛ لأنهم تَوَافَقُوا عليه، والحَقُّ لا يَعْدُوهُمْ، ولو أن صاحب اليد أَنْكَرَ، وحلف، وأَوْلَدَ الجَارَيةَ، ثم عاد وقال: كنت مُبْطِلاً في الإِنْكَارِ، والجَارِيَةُ للمدَّعِي، فالكَلاَمُ في المَهْرِ، وقيمة الوَلَدِ، والجارية، والاستِيلاَدِ، على ما ذكر في طَرَفِ المدعي.

وقوله في الكتاب: "فلو صُرِّح في نِزاعِ المُدَّعِي بأنه كان مِلْكاً لِلْبَائِعِ، ففي الرجوع وجهان"؛ الوَجْهَانِ لا يَخْتَصَّانِ بما إذا قال: كان مِلْكاً للبائع، بل يَجْرِيَانِ فيما إذا قال: هو مِلْكِي، ولا فَرْقَ بينهما، على ما بَيَّنَّاهُ.

وقوله: "ولو أخذ جَارِيةً بِحُجَّةٍ"، أطلق لفظ الحُجَّةِ، لِيَنْتَظِمَ ما إذا أخذَ بالبينة. وفيه صُوَرٌ في "الوسيط"، وما إذا أُخِذَ باليَمِينِ بعد النُّكُولِ، وفيه صُوَر ابن الحَدَّادِ وأكثر من تَكَلَّمَ في المسألة.

واعلم: أن الصُّورَةَ الثانية، لا اخْتِصَاصَ لها بالرُّكْنِ الذي فيه الكَلاَمُ، وهو جَوَابُ المُدَّعَى عليه، وكذا الصورة الأُولَى، إلا من جِهَةِ أنه فرض التصريح، بكونه لِلْبَائِع في جواب المدعي، والنِّزَاعُ معه، لكن عرفت أنه لا فَرْقَ بين أن يكون هذا التَّصْرِيحُ في جواب المُدَّعِي؛ أو في ابْتِدَاءِ الشِّرَاءِ. والوجهان جَارِيَانِ في الحالتين. والله أعلم.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: الخَامِسَةُ: جَوَابُ دَعْوَى القِصَاصِ عَلَى العَبْدِ يُطْلَبُ مِنَ العَبْدِ، وَدَعْوَى الأَرْشِ يُطْلَبُ جَوَابُهَا مِنَ السَّيِّدِ وَلَكِنْ لَهُ تَحْلِيفُ العَبْدِ لِيَتَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ إِنْ قُلْنَا: يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ وَسَمِعْنَا الدَّعْوَى بِالدَّيْنِ المُؤَجَّل أَيْضاً.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: ما يقبل إقرار العَبْدِ فيه؛ كالقِصَاصِ، وحَدِّ القَذْفِ، فالدَّعْوَى فيه تكون على العَبْدِ، والجواب يكون منه، وما لا يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ فيه؛ وهو الأَرْشُ، وضَمَانُ الأَمْوَالِ، فَلِتَوَجُّهِ الدعوى فيها على السَّيِّدِ، فإن الرَّقَبَةَ التي هي مُتَعَلَّقُهَا، حَقُّ السيد، فإن وجهت الدعوى على العَبْدِ، فَمَفْهُومُ ما نقل الأَئِمَّةُ -رحمهم الله- فيه طَرِيقَانِ:

أحدهما: وهو الذي يَشْتَمِلُ عليه الكتاب -المَنْعُ؛ لأن إِقْرَارَهُ بها غير مقبول.


(١) في ز: حرمة.
(٢) ني ز: قيمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>