للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من فَرَّقَ بين أن يكون رَبّ المال على صُورَةِ المدعى؛ بأن يقول: [أديت في بلدة أخرى أو إلى ساعٍ، فتؤخذ منه الزَّكَاةُ إذا لم يحلف، وبين أن يكون على صُورةِ المدعى عليه بأن يقول:] (١) ما تَمَّ حَوْلي، أو ما في يدي لفلان المُكَاتِبِ، فلا يُؤْخَذُ منه شيء.

وهذا وجه رَابعٌ، وقد نَسَبَهُ صاحب "التهذيب" في باب الزَّكَاةِ إلى ابن سُرَيْجٍ ورَجَّحَهُ. ومنها: الذِّمِّيُّ إذا مات في أَثْنَاءِ السَّنَةِ، يلزمه في الجِزْيَةِ قِسْطُ ما مضى؟ أو لا يَلْزَمُهُ شيء؟

فيه قولان مَذْكُورَانِ في موضعهما؛ فإن غَابَ ذِمِّيٌّ، ثم عاد وهو مُسْلِمٌ فقال: أَسْلَمْتُ قبل تمام السَّنَةِ، فليس عَلَيَّ تَمَامُ الجِزْيَةِ، أو ليس عَلَيَّ شَيْءٌ منها. فقال عَامِلُ الجِزْيَةِ: بل أَسْلَمْتَ بعدها، وعليك تَمَامُ الجِزْيَةِ، فيحلف الذِّمِّيُّ اسْتِحْبَاباً على وَجْهٍ، وإيجَاباً على وجه. فإن قلنا: بالإِيجَاب، فَيُقْضَى عليه بالجزْيَةِ، أو لا يُطَالَبُ بشيءٍ، أو يَجْلِسُ ليقر، فتؤخذ منه الجِزْيَةُ، أو يَحلف ويترك (٢)؛ فيه الوجوه الثلاثة المذكورة في الصورة السابقة (٣).

قال الإمَامُ: وَقَيَّدَ صَاحِبُ "التخليص" المسْألَةَ بما إذا غاب، ثم عَادَ وهو مُسْلِمٌ، وظاهر هذا -أنَّه لو كان عندنا، فَصَادَفْنَاهُ مُسْلِماً في آخر السَّنَةِ، فادَّعَى أنه أَسْلَمَ قبل تَمَامِهَا، وكَتَمَ إِسْلاَمَهُ، لا يُقْبَلُ قوله؛ لأن الظَّاهِرَ أن من أَسْلَمَ في دَارِ الإسْلاَمِ، لا يكتم إِسْلامه. ومنها: ولد المُرْتَزِقَةِ؛ إذا ادَّعَى البُلُوغَ بالاحْتِلاَمِ، وطلب إِثْبَاتَ اسْمِهِ في الدِّيوَانِ، ففيه وجهان:

أحدهما: أنَّه يُصَدَّقُ من غير يَمِينٍ؛ لأنه وإن كان كَاذِباً، فكيف يُحَلِّفُهُ وهو صَبِيٌّ؟ وإن كان صَادِقاً وجب أن يُجَابَ.

وأظهرهما: أنَّه يَحْلِفُ عند التُّهْمَةِ، فإن نَكَلَ، فلا يُجَابُ، ولا يُثْبَتُ اسْمُهُ إلى أن يَظْهَرَ بُلُوغُهُ. وهذا ما أَوْرَدَهُ في الكتاب.

ويَقْرُبُ منه أن بَعْضَ من شَهِدَ الوَقْعَةَ من المُرَاهِقِينَ، إذا ادَّعَى الاحْتِلاَمَ، وطلب سهم المقاتلة (٤)، يُعْطَى إن حَلَفَ، وإن لم يحلف، فَوَجْهَانِ:

أحدهما: أنه يُعْطَى ويُوَجَّهُ هذا بطريقين:

أحدهما: أنَّه يُصَدَّقُ بغير يَمِينٍ؛ لأن احتلامه (٥) إنما يُعْرَفُ من جِهَتِهِ، فأشبه ما إذا


(١) سقط في: ز.
(٢) في ز: فيترك.
(٣) في أ: الثالثة.
(٤) في ز: منهم المقابلة.
(٥) في ز: اختلافه.

<<  <  ج: ص:  >  >>