للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: طَرْدُ القولين في الحَالَتَيْن، وهذا أَشْهَرُ، والأول أَرْجَحُ عند صاحب الكتاب، والمُرَادُ من صَرِيحِ التَّكَاذُبِ؛ ألاَ يَتَأتَّى الجَمْعُ، ولا يَنْقَدِحَ فيه تَأْوِيلٌ، كما إذا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ على القَتْلِ في وقت [معين] (١) والأخرى على الحَيَاةِ في ذلك الوقت. فإن تُوُهِّمَ الجَمْعُ بِضَرْبٍ من التأويل، فليس ذلك بصريح التَّكَاذُبِ. وذلك، كما إذا شَهِدَتْ هذه، على مِلْكِ زيد، وهذه على مِلكِ عَمْرو؛ فإنه يجوز أن يقال: عرفت كل واحدة سبباً كشراء، أو وصية، واستصحب حكم العَقْدِ الذي عرفته.

وكما إذا شَهِدَت هذه، على أنَّه أوْصَى بهذه العَيْنِ لِزَيْدٍ، وهذه على أنَّه أوْصَى بها لِعَمْرو؛ فإنه ربما أوْصَى بها مَرَّتَيْنِ.

وإن القاضي الروياني نَقَلَ في "جمع الجوامع" طريقين من وَجْهٍ آخر:

أحدهما: أن القولين فيما إذا لم يمكن الجَمْعُ، فإن أَمْكَنَ، قُسِّمَ بينهما لا مَحَالَةَ.

والثاني: طَرْدُ القولين في الحالتين، فَتَحَصَّلَ من النقلين ثَلاثَةُ طُرُقٍ؛ القَطْعُ بالتَّسَاقُطِ فيما إذا لم يمكن الجَمْعُ، والقَطْعُ بالاستعمال إذا أمكن طَرْدُ القولين في الحَالَتَيْنِ، وأن إِيرَادَ أبِي الحَسَنُ [العبادي] (٢) يَنْسَاقُ إلى طريقة أخرى تَنْفِي الخِلاَفَ، ويقطع بالتَّسَاقُطِ عند اسْتِيقَانِ الكَذِبِ في إحداهما، وبالاستعمال عند إِمْكَانِ صِدْقِهِمَا كما في الوَصِيَّةِ.

وإن أبا الفَيَّاضِ حكى؛ أن من الأصحاب من لم يُثْبِتْ قول التوقيف (٣)، وأن القاضي ابن كَجٍّ رَوَى عن أبي حَامِدٍ القَاضِي، أن الأقْوَالَ الثلاثة لا تجتمع، بل موضع (٤) قول القِسْمَةِ، ما إذا أمكن الجَمْعُ، وموضع قول القُرْعَة، ما إذا لم يمكن.

وأُعْلِمَ من لفظ الكتاب ما سوى قول التَّسَاقُطِ بالزاي (٥)؛ لأن اخْتِيَارَ المُزَنِيِّ هو التَّسَاقُطُ، ولْيُعَلمْ بالألف أيضاً، لما بَيَّنَّاهُ، وما سوى قَوْلِ القِسْمَةِ بالحاء.

ثم في الفصل صورتان: إحداهما إذا كان التَّنَازُعُ في زَوْجِيَّةِ امْرَأَةٍ، وأقام كل واحد بَيِّنَةً، وتَعَارَضَتَا، فقول التَّسَاقُطِ بحاله (٦)، ولا مَجَالَ لِلْقِسْمَةِ، وذكر صاحب الكتاب في "الوسيط"، أن قَوْلَ الوَقْفِ لا يجري أيضاً تَعْلِيلاً بأن الصُّلْحَ غير مُمْكِنٍ، وهذا ما أراد بقوله هاهنا.

ولا يَجْرِي قَولُ القِسْمَةِ والصلح، فعبر عن الوَقْفِ بالصلح. والذي رواه صاحب


(١) سقط في: ز.
(٢) سقط في: ز.
(٣) في ز: التوقف.
(٤) في ز: توضع.
(٥) في ز: بالرأي.
(٦) في ز: محالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>