للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو تَنَازَعَا شَاةً مَذْبُوحَةً؛ في يد أحدهما رَأْسُهَا وجلدها وسَوَاقِطُهَا، وفي يد الآخر باقِيها، وأَقَامَ كل واحد منهما بَيِّنَةً على أن الشَّاةَ له، يُقْضَى له بما في يَدِهِ.

وعند أبي حَنِيْفَةَ: يُقْضَى له بما في يَدِ صَاحِبهِ، بِنَاءً على أن بَيِّنَةَ الخارج مقدمة. ولو قالت (١) كل بَيِّنَةٍ: الشاة [له] (٢)، نَتَجَتْ في مِلْكِهِ، وذُبِحَتْ في ملكه، قُضيَ لكل وَاحِدٍ منهما بما في يَدِهِ بالاتِّفَاقِ؛ لأن البَيِّنَةَ قد تَعَرَّضَتْ لِلنِّتاجِ، فَيُقَدَّمُ الدَّاخِلُ.

ولو كانت في يَدِ كُلِّ واحد منهما شَاةٌ، فادَّعَى كُلُّ واحد؛ أن الشَّاتَيْنِ له، وأن التي في يَدِ صاحبه نَتَجَتْ من التي في يَدِهِ، وأَقَامَا عليه البَيِّنَةَ، فهما مُتَعَارِضَتَانِ؛ فلكل وَاحِدٍ منهما التي في يده؛ لاعْتِضَادِ بَيِّنَتِهِ بيده. وإن أقام كُلُّ واحد منهما البَيِّنَةَ على أن التي في يَدِ الآخر مِلْكُهُ، قُضِيَ لكل وَاحِدٍ منهما بما في يَدِ الآخر.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: المَدْرَكُ الثَّالِثُ: اشْتِمَالُ إحْدَى البَيِّنَتَيْنِ عَلَى زِيَادةٍ وَهِيَ أَقْسَامٌ: الأَوَّلُ زِيَادَةُ التَّارِيخِ فَإذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنهُ مُلْكَهُ مُنْذُ سَنَةٍ وَالأُخْرَى مُنْذُ سَنَتَيْنِ فَفِي تَقْدِيمِ السَّابِقِ قَوْلاَنِ، وَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا مُطْلَقَةً وَالأُخْرَى مُؤَرَّخَةً أَوْ مُضَافَةً إلَى سَبَب مِنْ نِتَاجٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ زِرَاعَةٍ فَقَوْلاَنِ مُرَتَّبَانِ وَأَوْلَى بِأَنْ لاَ يُرَجَّحَ المُقَيَّدُ، فَإِنْ جَعَلْنَا لِلسَّبْقِ أَثَرَاً فَكَانَ السَّبْقُ في جَانِبٍ وَاليَدُ فِي جَانِبٍ قُدِّمَ اليَدُ عَلَى وَجْهٍ، وَالسَّبْقُ عَلَى وَجْهٍ، وَيَتَعَادَلاَنِ عَلَى وَجْهٍ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: تَرْجَمَ هذا المَدْرَكَ بالزِّيَادَةِ في البَيِّنَةِ، وأراد اخْتِصَاصَ الشَّهَادَةِ، يَتَأيَّدُ بأصل أو بِزِيَادَةِ عِلْمٍ. والمَدْرَكُ الأول بِقُوَّةِ الحُجَّةِ، وأراد اخْتِصَاصَ الشُّهُودِ بصفة تفيد (٣) زَيادَةَ الوُثُوقِ بقولهم. وفي ترتيب الكتاب من هاهنا إلى آخر الباب نَوْعُ اضطراب؛ فإنه قال وهي أقسام:

الأول: زِيَادَةُ التَّارِيخ، ثم قال: الطَّرَفُ الثاني في العُقُودِ، والثالث في المَوْتِ، والرابع في العِتْقِ، والوَصِيَّةِ، وزيادة التَّارِيخِ تَدْخُلُ في العقود، كما تدخل في الأَمْلاَكِ المُطْلَقَةِ.

ولا ينبغي أن تَدْخُلَ بعض أَقْسَام التقسيم في بعض، ويَنْتَظِمُ أن يُقَالَ: في أول الرُّكْنِ تَعَارُض البَيِّنَتَينِ، وقد تقع في الأَمْلاَكِ، وقد تَقَعُ في غيرها، كالعُقُودِ، والموت في الوصية. فهذه أَطْرَافٌ تحتاج إلى النَّظَرِ فيها.

الأول، في الأَمْلاَكِ؛ فأما أن تَخْلُوَ البَيِّنَتَانِ المُتَعَارِضَتَانِ منها عن التَّرْجِيحِ، أو يكون هناك تَرْجِيحٌ.


(١) في أ: قال.
(٢) سقط في: أ.
(٣) في ز: تقبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>