للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأَوْجَهُ، وهو المذكور في الكتاب مَجيئُهُ لأنا لا نُوقِفُ نَفْسَ العَقْدِ، وإنما نحن نَتَوَقَّفُ؛ ليَنْكَشِفَ الحَالُ على مَا مَرَّ. وعلى هذا تُنْتَزَعُ الدَّارُ منه.

قال الإِمَامُ: وكذا الثَّمَنَانِ، ويُوقَفُ الكل.

وإن قُلْنَا: بالقُرْعَةِ، فمن خرجت له القُرْعَةُ تُسَلَّمُ إليه الدَّارُ بالثَّمَنِ الذي سَمَّاهُ، والآخَرُ يسترد الثَّمَنَ الذي أَدَّاهُ. وإن قلنا: بالقِسْمَةِ، فلكل واحدٍ منهما نِصْفُ الدَّارِ بنصف الثَّمَنِ الذي سماه، ولكل واحد منهما خِيَارُ الفَسْخِ؛ لأنه لم يُسَلِّمْ له جَمِيعَ ما اشْتَرَاهُ، فإن فَسَخَا جَمِيعاً، اسْتَرَدَّ كُلُّ وَاحِدٍ منهما جَمِيعَ الثَّمَنِ المَشْهُودَ به.

وإن أَجَازَا [جميعاً] (١) اسْتَرَدَّ كُلُّ واحد منهما نِصْفَ الثمن المَشْهُودِ به؛ بِنَاءً على الصحيح. وهو أن الإجَازَةَ بالقِسْطِ، لا بجميع الثَّمَنِ.

ويجوز أن يُجِيزَ أَحَدُهُمَا، ويَفْسَخَ الآخر، وَيَسْتَرِدَّ جميع الثمن، ثم إن سَبَقَتِ الإِجَازَةُ الفَسْخَ، رَجَعَ المُجِيزُ بنصف الثَمَنِ، ولم يكن له أن يَأْخُذَ النِّصْفَ المَرْدُودَ، ويَضمه إلى ما عنده؛ لأنه حين أَجَازَ، رَضِيَ بالنصف.

وإن سَبَقَ الفَسْخُ الإِجَازَةَ، فهل لِلْمُجِيزِ أَخْذُ الجميع؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا؛ لأنا نَتَكَلَّمُ على قَوْلِ القِسْمَةِ، [ولا يَأْخُذُ كُلُّ واحد منهما إلا ما تَقْتَضِيهِ القِسْمَةُ] (٢)، والمَرْدُودُ يَعُودُ إلى البَائِعِ.

وأظهرهما: وبه أجاب العِرَاقِيُّونَ: له ذلك؛ لأن بَيِّنَتَهُ قد قَامَتْ على الكُلِّ، وإنما لم يأخذ الكل لِمُزَاحَمَةِ الآخر، فإذا انتفت (٣) زحمته أخذ، وليس كالصُّورَةِ السَّابِقَةِ؛ فإنه قَنَعَ هناك بالنِّصْفِ، وانفصل أمره (٤).

وبالقول الآخَرِ وهو القِسْمَةُ، أجاب الشَّافِعِيُّ -رضي الله عنه- في هذه المسألة، ورَوَى الرَّبِيعُ قَوْلاً آخَرَ في المسألة: وهو أن البَيْعَيْنِ مَفْسُوخَانِ ويرجع إلى قول المدعى عليه، فيقضي [بموجب قوله] (٥) وامْتَنَعَ جَمَاعَةٌ من الأَصْحَاب مِن إِثْبَاتِهِ قَوْلاً للشافعي -رضي الله عنه-، منهم من خَطَّأَهُ، ومنهم من قال: هو من كيسَه وتخريجه.

الحالة الثانية: إذا صَدَّقَ صَاحِبُ اليد أَحَدَ المُتَدَاعِيَيْنِ وشهوده، فعلى قول التَّهَاتُرِ، تُسَلَّمُ الدَّارُ إلى المُصَدّقِ، وهو كما لو لم تكن بَيِّنَةٌ، وأقر لأحدهما.

وإن قلنا: بالاسْتِعْمَالِ، فوجهان -قال ابن سُرَيْجٍ يقدم من صدقه البائع؛ لأن الدَّارَ


(١) سقط في: أ.
(٢) سقط في: أ.
(٣) في ز: انقطعت.
(٤) في ز: أجره.
(٥) سقط في: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>