للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحلف على أنه لا يلْزَمُهُ؛ لأنه إن قدر على الانتزاع، [لزمه] (١) الانْتِزَاعُ، والرد، وإلا فعليه القِيمَةُ.

وإنهم لو شَهِدُوا على أن هَذِهِ الدَّارِ اشْتَرَاهَا المدعي من فلان، وهو يَمْلِكُهَا، ولم يقولوا: إنها الآن مِلْكُ المدعي، ففي قَبُولِ هذه الشَّهَادَةِ قَوْلاَنِ؛ كما لو شهدوا: أنها كانت مِلْكَهُ بالأمْسِ، والمفهوم من كلام الأكثرين أنها مَقْبُولَةٌ كَافِيَةٌ.

وأنه إذا ادَّعَى على إنسان حَقَّ القِصَاصِ لِقَتْلِ نَسَبَهُ إليه، وكان عند الحاكم أن لا قِصَاصَ بذلك، فجاء رَجُلٌ، ورَوى خَبَراً عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أنه يوجب القِصَاصَ، فاقتص الحَاكِمٌ منه، ثم رجع الرَّاوِي وقال: كذبتُ، وتَعَمَّدْتُ، لم يجِبِ القِصَاصُ عليه، بخلاف الشَّهَادَةِ؛ لأن الرِّوَايَةَ لا تَخْتَصُّ بالواقعة.

وأنه إذا غُصِبَ المَرهُونُ من المُرْتَهِنِ، كان لكل واحد من الرَّاهِنِ والمُرْتَهِنِ أن يَدَّعِيَهُ على الغَاصِبِ، والراهن يقول في دَعْوَاهُ: إن لي ثَوْباً كنت رَهَنْتُهُ من فلان، وإنه غُصِبَ منه، ويلزَمُهُ الرَّدُّ إلَيَّ. ولو اقتصر على قوله: إن لي عنده ثَوْباً صِفَتُهُ كذا، ويَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ إِلىَّ، جاز. ولا بُعْدَ في أن يقول: ويَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ إِليَّ. فإن يَدَ المُرْتَهِنِ يَدُ الرَّاهِنِ، ولهذا لو نَازَعَهُ مُنَازعٌ في المَرْهُونِ، كان القَوْلُ قَوْلَ الراهن. وإن كان المَرْهُونُ في يد المُرْتَهِنِ؛ لأن يَدَهُ يَدُهُ.

وإن الغريب الذي دَخَلَ البلد لا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ على أنه حُرُّ الأَصْلِ، إنما تَجُوزُ الشَّهَادَةُ على أن فلاناً حُرُّ الأصل، إذا عُرِفَ حَالُ أبيه وأمه، وعرف النِّكَاحُ، وحُدُوثُهُ بينهما. وتَجُوزُ الشَّهَادَةُ وإن لم يشاهد الوِلاَدَةَ، كما تجوز الشَّهَادَةُ على أنه ابْنُ فُلاَنٍ.

وأنه إذا ادَّعى دَاراً في يدي رجل، وأقام بَيِّنَةً؛ أنه اشْتَرَاهَا منه، وأقام صَاحِبُ اليد بَيِّنَةً أنه وَهَبَهَا منه، ولم تَتَعَرَّضِ البَيِّنَتَانِ لِتَأْرِيخٍ، فَيَتَعَارَضَانِ. ولهذا الاختلاف أَثَرٌ عند ظُهُورِ الاسْتِحْقَاقِ، وإذا وجدَ عَيْباً، وأراد رَدَّهُ، واسْتِرْدَادَ الثمن

وأنه إذا ادعى دَاراً في يَدِ إنسان، وأقام بَيِّنَةً؛ أنها مِلْكُهُ، فادعاها آخر (٢)، وأقام بَيِّنَةً على أنه اشْتَرَاهَا من فلان؛ رجل آخر يوم كذا، ولم يَقُولُوا: إنه كان يَمْلِكُهَا يومئذ، ولكن أَقَامَ بَيِّنَةً أخرى؛ أنه كان يَمْلِكُهَا. يومئذ سُمِعَتْ هاتان البَيِّنَتَانِ، وصارتا كَبَيِّنَةٍ واحدة، فيحصل التَّعَارُضُ بينها وبين بَيِّنَةِ المُدَّعِي الأول.

وأنه إذا ادعى دَاراً، وأقام بَيِّنَةً [على] (٣) أنها مِلْكُهُ، وانْتَزَعَهَا من يدي المدعى


(١) في أ: والرد فعليه.
(٢) في ز: وجاء آخر يدعيها.
(٣) سقط في: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>