للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن الدَّين يمنع السِّرَايَةَ؛ فلا سرَايَةَ في العبد الباقي؛ لأنَّ قيمة نصيب الشريك من الأوَّلِ دَيْنٌ عليه، وإن قلنا لا يمنع فيسرى وما في يده يصرف إلى الشريك، والباقي في ذمته، وإن كان الشقصان لشخصين صرف إلى كل واحد منهما نصفه.

ولو ملك الشقصين وَأَعْتَقَهمَا معاً ولا مال له غيرهما، فلا سرَايَةَ؛ لأنَّه مُعْسِرٌ، وإن أَعْتَقَ على الترتيب فَيَعْتِقُ كُلَّ الأول؛ لأَنَّ في نصيبه من العبد الآخر وفاء بباقي العبد الذي أعتق شقصه، ثم إذا أَعْتَقَ نصيبه من الباقي نَفَذَ العِتْقُ في نصيبه ولا سرَايَةَ؛ لأَنَّهُ معسر، وَاعْتُرِضَ عليه بأنه إذا وجب بإعتاق نصيبه من الأول قيمة نصيب الشريك؛ صار نصيبه من الثاني مُسْتَحقّ البيع لحق الشريك؛ لأنه لا يملك غيره، فوجب ألاَّ ينفذ إعتاقه فيه كما إذا أَعْتَقَ أحد الشريكين نصيبه من العبد المشترك، وقلنا: "لا سرَايَةَ في الحال، لا ينفذ من الشَّرِيكِ الآخر إعتاق نصيبه على الأصح؛ لتعلق حق الأَوَّلِ به، وأجيب عنه بأن الحقَّ هناك تعلق بعين (١) ذلك النصيب؛ أَلاَ تَرَى أنهما لو اتَّفَقَا على إقامة عبد آخر مقامه لا يجوز، وهاهنا لم يتعلق بعتق نصيبه (٢) من العبد الثاني لو أَدَّى المال من موضع آخر؛ يجوز.

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ هذا على [القول الذي يقول] (٣) إذا أعتق أحد الشريكين نصيبه، وهو مُوسِرٌ عَتَقَ الكُلُّ في الحال، أما إذا قلنا لا يعتق إلاَّ بوصول (٤) القيمة إليه فإذا أَعْتَقَ نَصِيبَهُ من الثاني نفذ (٥) العتق وبطل التقويم؛ لأنه لم يبق له مال، وتعذر


= ذلك أنه إذا أعتق مرتباً يعتقان جميعاً، ويصرف ما في يده إلى الشريك، والباقي في ذمته وقياسه أن يقال: فيما إذا أعتقهما معاً أن يكون الحاكم كذلك، بل أولى؛ لأن العلقة في ذمته، وقياسه أن يقال فيما إذا أعتقهما معاً أن يكون الحاكم كذلك، بل أولى؛ لأن العلقة إذا لم تؤثر مع الترتيب؛ فلان لا مؤثر مع المعية أولى، ولو قيل يقرع بين العبدين لكان أولى من هذين الرأيين؛ لأن الاعتبار لا يشقص بل يثبت القرعة ويدل لهذا أن المريض لو ملك نصفين من عبدين متساويي القيمة فأعتقهما في مرض موته، والصورة أنه يخرج من الثلث نصيباه، ونصيب أحد الشريكين فأعتق النصيبين معاً ففيها وجهان حكاهما المصنف تبعاً للبغوي وبه قال ابن الحداد يعتق من كل واحد ثلاثة أرباعه.
والثاني يقرع بينهما، فمن خرجت له القرعة عتق كله، ولم يعتق من الآخر إلا نصيبه؛ لأن القرعة مشروعة في العتق، ولا يصار إلى الشقص مع إمكان التكميل، قلت: الأصح عندي من الوجهين الثاني، ويقتضي ذلك أن تكون الفتوى في صورة الصحيح على الإِقراع، وهو الأقرب الموافق للأحاديث الواردة في التكميل والقرعة.
(١) في ز: بغير.
(٢) في ز: بعين نفسه.
(٣) في ز: القولين.
(٤) في ز: لا يعتق الأصول.
(٥) في ز: بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>