للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْغَزَالِيُّ: الثَّانِي أَنْ يُعْتَقَ بِاخْتِيَارِهِ فَإنْ وَرِثَ نِصْفَ قَرِيبِهِ فَعُتِقَ لَمْ يَسْرِ، وَإِنْ اتَّهَبَ أَوِ اشْتَرَى سَرَى.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: من شرط السِّرَايَةِ: أن يحصل العِتْقُ في نصيبه باختياره حتى لو وَرِثَ شقصاً من قريبه الذي يعتق عليه، فعتق لم يَسْرِ ولم يقوم عليه نصيب الشريك، بِخِلاَفِ ما إذا اشترى، وجملة القول فيه، أَنَّهُ إذا ملك بعض قريبه: الذي يُعْتَقُ عليه يعتقُ القدر الذي يملكه، وينظر، إن مَلَكَ لا باختياره كما إذا ورثه لم يَسْرِ؛ لأن التَّقْوِيمَ سبيله سبيل غَرَامَةِ المُتْلَفَاتِ، ولم يوجد منه صُنْعٌ وَقَصْدُ إِتْلاَفٍ، وإن مَلَكَهُ باختياره فأما أن يحصل الملك بطريق يقصد به اجْتِلاَبَ الملك أو بطريق لا يَقْصِدَ به التملك غالباً، لكنه يَتَضَمَّنُ حُصُولَ الملك.

أما الأول: فكالشِّرَاءِ، وَقَبُولِ الهِبَةِ، والوَصِيَّةِ فذلك يقتضي حصول السِّرَايَةَ كما لو تلفظ بالإِعْتَاقِ، وإن مَلَكَهُ بما يتضمن حصول الملك ولا يقصد به التملك غالباً، كما إِذَا كَاتَبَ عَبداً فاشترى شقصاً ممن يعتق على سيده ثم عَجَّزَهُ السَّيِّدُ، فصار الشقص له، وعتق عليه، وفي السِّرَايَةِ وجهان:

أحدهما: يَسْرِي لاختياره وتسببه إلى الملك بِفَسْخِ الكِتَابَةِ.

وأشبههما: لا -وَيُحْكَى عَنِ ابْنِ الحَدَّادِ؛ لأنه لم يقصد التَمَلُّكَ وإنما قصد التَّعْجِيزَ وحصل الملك ضمناً، وإن عجَّز المُكَاتِبُ نَفْسُهُ فلا يَسْري؛ لأنه حصل الملك، والعتق بغير اختيار السيد وتسببه كما في الإرْثِ، ولو باع شقصاً ممن يعتق على وارثه، كما لو باع ابْنَ أَخِيهِ بِثَوْبٍ؛ ومات وَوَارَثُهُ أَخُوهُ فوجد بِالثَّوْب عيباً فرده واسْتَرَدَّ الشقص، وعتقَ عليه ففي السِّرَايَةَ الوجهان: في وَجْهٍ: يسري لتسببه إلى المِلْكِ بالفسخ. وفي وجه: لا-؛ لأن مقصوده رَدُّ الثوب لا استرداد العِوَضَ، وكذلك يجري الرَّدُّ في الثوب، والعِوَضُ (١) تَالِفٌ.

ولو وجد مُشْتَرِي الشقص به عيباً فرده فلا سرَايَةَ كما في الإِرْثِ، والخلاف في الصورتين شَبِيهٌ بالخلاف فيما إذا باع الكافر عبداً أَسْلَمَ في يده بثوب، ثم وَجَدَ بالثوب عيباً. هل له استرداد العبد؟!

ولو أوصى لِزَيْدٍ بشقص مِمَّنْ يعتق على (٢) وارث زيد، كما إذا أوصى له بجارية لزيد منها: ابن، أو أوصى له ببعض ابن أخيه، ومات زَيْدٌ قبل قَبُولِ الوَصِيَّةِ فَقَبِلَهَا ابْنُهُ، أو أخوه عتق الشقص. وهل تَحْصُلُ السِّرَايَةُ -فيه وجهان:


(١) في أ: بألف.
(٢) في هامش أ: عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>