للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احتساب التَّبَرُّعَاتِ من الثُّلُثِ من "كتاب الوصايا"، وفي [الضابط] (١) المذكور قيود:

أَحَدُهَا: وُقُوعُ الإِعْتَاقِ في مرض الموت، فإن أَعْتَقَهُم لاَ فِي مَرَضِ الموت عتقوا جميعاً ولا قُرْعَةَ.

والثاني: أَنْ يَعْتَقِهُم دَفْعَةً واحدة، مثل: أَنْ يُوَكِّلَ بإعْتَاقِ كل واحد وكيلاً [فيعتقوا] (٢) معاً [أو] (٣) يقول: هؤلاء أَحْرَارٌ أو يقول لهم: أَعْتَقْتُكُم، أو أنتم أحرار فإن أَعْتَقَهُم على الترتيب يقدم الأَوَّلُ فَاَلأَوَّلُ إلى أن يتم الثُّلُثَ وذلك مثل أن يقول: سَالِمٌ حُرٌّ، وَغَانِمٌ حر، وفائق حُرٌّ، ولو قال: سالم وغانم وفائق أحرار فهو محل القرعة.

ولو قال: سالم وغانم وفائق حر -فعن القاضي أَبِي حَامِدٍ: أنه يراجع، فإن قال: أردت حرية كل واحد منهم فهو كما لو قال: أَحْرَارٌ؛ وإن قال: أردت حرية الأخير قُبِلَ ولا قُرْعَةَ. وإن قال: أردتُ حُرِّيَّةِ غَيْرِه لم يُقْبَلْ.

والثالث: أن يقصر عنهم ثلث ماله، ولا يجيز الورثة فإن وَفَّى الثُّلُثُ بالمعتقين أو أجاز الورثة عتقوا جميعاً.

ولو أوصى بإعتاق عبيد (٤) ولم يَفِ الثُّلُثُ بِهِمْ، ولم يُجزِ الوَرَثَةُ فيقرع أيضاً ولا فرق هاهنا بين أَنْ يُوصِيَ بإعتاقهم دفعة واحدة، وبين أن يقول: أَعْتِقُوا عبدي فلاناً ثم يقول: أَعْتِقُوا فلاناً؛ لأن وقت الاستحقاق واحد وهو الموت، بخلاف ما إذا رَتّبَ الإِعْتَاق المنجز إلاَّ أن يُقَيَّدَ فيقول: أَعْتِقُوا فلاناً ثم فلاناً، ولو عَلَّقَ العِتْقَ بالموت فقال: إذا مُتُّ فأنتم أحرار أو أَعْتَقتُكُمْ بعد موتي، أَوْ رَتَّبَ فقال: إِذا مُتُّ فَفُلانٌ حُرٌّ ثمَّ قَالَ: إذا مُتُّ فَفُلاَنٌ حُرٌّ يُقْرَعُ أيضاً، وفي الوَصِيَّةِ وتعليق العتق وَجْهٌ: أنه لا قُرْعَةَ بل يُعْتَقُ من كل وَاحدٍ ثُلُثَهُ؛ لأن الْقُرْعَةَ على خلاف القياس، وإِنَّمَا ورد بها الخبر في الإعتاق المُنْجَزِ، وقد ذكرنا هذا في "الوَصَايَا"، والظَّاهِرُ الأول.

ولو قال: أَعْتَقْتُ ثُلُثَ كُلِّ واحد منكم، أو أَثْلاَثُ هَؤُلاَءِ أَحْرَارٌ. فوجهان:

أحدهما: أنه [لا] (٥) يُقْرَعُ بَيْنَهُم، بل يُعْتَقُ من كل واحد ثُلُثه لِتَصْرِيحِهِ بِالتَّبْعِيضِ وأصحُّهما -على ما ذُكِرَ في "التَّهْذِيبِ": أنه يُقْرَعُ أيضاً؛ لأن العبيد له على الخلوص، وِإعْتَاقُ بَعْضِ العبد الخَالِصِ كَإعْتَاقِ كُلِّهِ وصار كما لو قال: أعتقتكم -وقد سبق هذا في "الوصايا" أيضاً، وسبق أنهَ لو قَال: أَعْتَقْتُ ثُلُثَكُم- أو ثلثكم حُرٌّ فهو كقوله: أعتقتكم أو كقوله: أَثْلاَثُ هَؤُلاَءِ أَحْرَارٌ فيه طريقان -وأنه لو أَضَافَ إلى الموت فقال: ثُلُثُ كُلِّ


(١) في ز: الضبط.
(٢) سقط في: ز.
(٣) في ز: و.
(٤) في أ: عبد.
(٥) سقط في: ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>