للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكفر، وكذلك جعل الشيخ أبو حامد ومتابعوه المعتزلة ممن يكفر، والخوارج (١) ممن لا يكفر، ويحكى تكفير القائل بخلق القرآن عن الشافعي -رضي الله عنه-، وأطلق كثير من الأصحاب منهم القفال القول بجواز الاقتداء بأهل البدع، وأنهم لا يكفرون، قال في "العدة": وهو ظاهر مذهب الشافعي -رضي الله عنه- (٢) لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "صَلُّوا عَلَى مَنْ قَالَ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ، وَخَلْفَ مَنْ قَالَ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ" (٣).

الثانية: قال صاحب "التهذيب" و"التتمة": الأورع أولى من الأفقه، ومن الأقرأ؛ لأن الإمامة سفارة بين الله تعالى، وبين الخلق، فأولاهم بها أكرمُهم على الله تَعَالى، ورُوِي مِثْله عن الشيخ أبي محمد، وهذا خلاف ما ذكره في الكتاب، فإنه قدم الأفقه على الأقرأ والأورع، وهو أظهر وأوفق لإطلاق الأكثرين، ووجهه ما سيأتي في تقديم الأفقه على الأقرأ.

وينبغي أن يعلم لفظ (الأورع) بالواو لذلك.

الثالثة: إذا اجتمع شخصان: أحدهما لا يقرأ إلا ما يكفي في الصلاة لكنه صاحب فقه كثير، والآخر يحسن القرآن كله وهو قليل الفقه فظاهر المذهب وهو المذكور في الكتاب أن الأفقه أولى خلافاً لأبي حنيفة وأحمد حيث قالا: الأقرأ أولى احتاجاً بالخبر الذي تقدم، فإنه قدم الأقرأ على الأعلم بالسُّنة وهو الأفقه.

لنا أن الواجب [من القراءة] (٤) في الصلاة محصور، والوقائع الحادثة في الصَّلاة غير محصورة، فالحاجة إلى الفِقْهِ أهَمّ، وأجاب الشافعي -رضي الله عنه- عن الاحتجاج بالخبر بأن أهل العصر الأول كانوا يتفقهون قبل أن يقرأوا، وما كان يوجد منهم قارئ إلا وهو فقيه، وإذا كان كذلك فالذي يقتضيه الخبر تقديم القارئ على الفقيه الذي ليس بقارئ، وذلك مما لا نزاع فيه، وكذلك تقديم الجامع لهما على


(١) وسموا بذلك لخروجهم على سيدنا علي -رضي الله عنه-.
(٢) قال النووي: هذا الذي قاله القفال، وصاحب العدة هو الصحيح أو الصواب، فقد قال الشافعي - رحمه الله-: أقبل شهادة أهل الأهوال إلا الخطابية لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم، ولم يزل السلف والخلف على الصلاة خلف المعتزلة وغيرهم، ومناكحتهم، وموارثتهم، وإجراء أحكام المسلمين عليهم، وقد تأول الإمام الحافظ الفقيه أبو بكر البيهقي وغيره من أصحابنا المحققين، ما جاء عن الشافعي وغيره من العلماء، من تكفير القائل بخلق القرآن، على كفران النعمة، لا كفر الخروج عن الملة، وحملهم على هذا التأويل ما ذكرته من إجراء أحكام المسلمين عليهم. الروضة (١/ ٤٦٠).
(٣) أخرجه الدارقطني (٢/ ٥٦) وقال: ليس فيها شيء يثبت.
(٤) سقط من (ط).

<<  <  ج: ص:  >  >>