للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو أوصى بثلث مَالِهِ، وبَعْضُ ماله حَاضِرٌ، وبَعْضُهُ غَائِبٌ، أو البعض عَيْنٌ، والبعض دَيْنٌ، فيدفع إلى الموصى له ثلث الحاضر، والعين يحضره وما يحصل من بعد، فيقسم كذلك.

الثالثة: إذا عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ بِصِفَةٍ، فوجدت تلك الصِّفَةُ في مَرَضِ الموت؛ يُنظر إن كان التَّعْلِيقُ بِصِفَةٍ لا توجد إلاَّ حينئذ، كما إذا قال: إن دَخَلْتَ الدَّارَ في مَرَضِ موتي، فأنت حُرٌّ، أو إذا مَرِضْتُ مَرَضَ الموت. فيعتبر عِتْقُهُ من الثلث، كما لو أعتقه حينئذ.

وإن كان يحتمل أن توجد في الصِّحَّةِ، ويحتمل أن توجد في المَرَضِ فقولان:

أصحهما: العِتْقَ من رَأْسِ المَالِ؛ لأنه حينئذ علق ولم يكن مُتَّهماً بِإِبْطَالِ حَقِّ الورثة.

والثاني- وبه قال أبو حَنِيْفَةَ-: يُعْتَقُ من الثلث اعتِبَاراً بوقت وجود الصفة فإن العتق حينئذ يَحْصُلُ. وهذا كالخلاف في أَنَّهُ إذا عَلَّقَ طَلاًقَ أمْرَأَتِهِ في الصحة، ووجدت الصفة في المَرَضِ هل [يجعل فاراً] (١).

قال الإمَامُ: ومن هذا الأَصْلِ اخْتَلَفَ الأَصْحَابُ في أنه إذا شَهِدَ اثْنَان على تعليق العِتْقِ بصفة، وآخران على وُجُودِ الصفة، وحكم القَاضِي بنُفُوذِ العِتْقِ، ثم رجعوا يكون الغُرْمُ عليهم جميعاً، أم يَخْتَصُّ به شهُودُ التعليق؛ لأن التعليق هو الموقع والصِّفَة محل الوقوع أو وقته؟

وقياس اعْتِبَارِ الصِّفَةِ هاهنا تخصيص الغُرْم بشهود الصِّفَةِ لكن لا صائر إليه.

والخِلاَفُ فيما إذا كانت الصِّفَةُ محتملة الحُصُول في الصحة والمَرَضِ، ووجدت في المرض بغير اخْتِيَارِهِ، فإن وُجِدَتْ باختياره اعتبر العِتْقُ من الثلث؛ لأنهم ذَكَرُوا أنه لو قال: إن دَخَلْتَ الدَّارَ وكَلَّمْتَ فُلاَناً فأنت حُرٌّ، ثم دخلها وكَلَّمَهُ من مَرَضِ مَوْتِهِ، يعتبر العتق من الثلث؛ لأنه اخْتَارَ حُصُولَ العتق في مَرَضِهِ. ولو باع الصَّحِيحَ بمُحَابَاةٍ، وشرط الخيار، ثم مَرِضَ في مُدَّةِ الخيار، ولم يفسخ حتى مات، اعتبرت المُحَابَاةُ من الثلث؛ لأنه [لزم] (٢) العقد في المَرَض باختياره، فأشبه ما إذا وَهَبَ في الصَّحِّةِ، وأقبض في المرض (٣).


(١) سقط في: ز.
(٢) في أ: ألزم.
(٣) قال النووي: إنما يظهر هذا إذا قلنا: الملك في مدة الخيار للبائع، وترك الفسخ عامداً لا ناسياً.

<<  <  ج: ص:  >  >>