للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعن أبي حَنِيْفَةَ: تَجْوِيزُهُ. وأما المَنَافِعُ الملتزمة في الذِّمَّةِ؛ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ معين، وبِنَاءِ جِدَارٍ موصوف، ودار مَوْصُوفَةٍ، فيجوز فيها التأجيل (١) ولو كَاتَبَهُ علي بناء دَارَيْنِ، وجعل لكل واحدة منهما وَقْتاً معلوماً صَحَّت الكِتَابَةُ.

إذا تَقَرَّرَ ذلك، فلو قال: كَاتَبْتُكَ على خِدْمَةِ شهر من الآن، وعلى دِينَارٍ بعد انْقِضَاءِ الشهر بيوم أو شهر، جاز؛ لِحُصُولِ التأجيل والتَّنْجِيمِ.

ولو قال: على خِدْمَةِ شهر، ودِينَارٍ عند انْقِضَاءِ الشهر، فظاهر كلام الشَّافِعِيِّ -رضي الله عنه- أنه يَجُوزُ، بل عن نَصِّهِ في "الأم" أنه إذا شرط الدينار بعد الشَّهْرِ، أو معه كان جائزاً.

واختلف الأَصْحَابُ فيه على وجهين: وعن ابن سُرَيْجٍ [أن فيه قولين] (٢):

أحدهما: وبه قال أبو إِسْحَاقَ: لا يجوز لأن اسْتِحْقَاقَ الدِّينَارِ يَتَّصِلُ بالفَرَاغ من الخِدْمَةِ، فيصيران معاً كالنَّجْمِ الواحد، ويُحْكَى هذا عن اخْتِيَار أبي الطيب ابن سلمة، والطبري والقَاضِي أبي حَامِدٍ [وهؤلاء حملوا] (٣) ظاهر كَلَامِ الشَّافِعِيِّ -رضي الله عنه- على ما إذا قال: ودينار بعد العَقْدِ بيوم أو شهر، وغَلَّطُوا الرّبِيعَ في رواية أو معه.

وأظهرهما: وبه قال ابْنُ أبي هُرَيْرَةَ، واختاره الشَّيْخَانِ أبو حامد والقَفَّالُ-: الجَوَازُ؛ لأن المَنْفَعَةَ مُسْتَحَقَّةٌ في الحال، والمدة لتقديرها والتَّوْفِية [بها] (٤)، والدينار إنما يُسْتَحَقُّ المُطَالَبَةُ به عند انْقِضَاءِ الشهر، وإذا اختلف الاستحقاق حصل التَّنْجِيمُ.

قالوا: ولا بَأْسَ بكون المَنْفَعَةِ حالة؛ لأن التَّأْجِيلَ يشترط لحصول القُدْرَةِ، وهو قادر على الاشْتِغَالِ بالخِدْمَةِ في الحال، بخلاف ما لو كَاتَبَ على دِينَارَيْنِ؛ أحدهما حال، والآخر مؤجل.

وبهذا يَتَبَيَّنُ أن الأَجَلَ -وإن كان يُطْلَقُ اشْتِرَاطُهُ في عِوَضِ الكتابة- فليس ذلك بِشَرْطٍ في المَنْفَعَةِ التي تقدر (٥) على الشروع في تَوْقِيتَهَا في الحال.

ولو كَاتَبَهُ على خِدْمَةِ شَهْرٍ ودينار في أَثْنَاءِ الشهر، مثل أن يقول: ودينار بعد العَقْدِ بيوم، وهذه الصُّورَةُ هي المذكورة في الكتاب.


(١) ومفهومه أنه يجوز فيها الخلاف أيضاً وهو ظاهر إذا كان النجم الآخر دراهم أو دنانير وضرب له أجلاً وكان العبد ممن يحسن المنفعة أما إذا عقد على خدمة شهر وخياطة ثوب على وجه الحلول فيتجه البطلان لعدم التفرع للخياطة أو عقد على صناعة والعبد لا يعرفها فيشترط فيها التأجيل لا محالة.
(٢) سقط في: ز.
(٣) في ز: وهو.
(٤) في ز: فيها.
(٥) في ز: يقدر.

<<  <  ج: ص:  >  >>