للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال الإِمام: ذهبت طَائِفَةٌ إلى تَخْرِيجِ القولين في هذه الصورة، وهو مُنْقَدِحٌ؛ لأن إِذْنَ الشريك لا يُفِيدُهُ الاسْتِقْلاَل، فلا يبقى إلاَّ تَخَيُّلُ تَضَرُّرِ الشريك، وهذا لا حَاصِلَ له مع نُفُوذِ العِتْقِ عن الشريك.

التفريع: إن أَفْسَدْنَا كِتَابَةَ أَحَدِ الشريكين، فللسيد فَسْخُهَا وإبطالها، كسائر الكِتَابَاتِ الفاسدة، فإن لم يفعل [ودفع] (١) العبد بَعْضَ كَسبِهِ إلى الَّذِي لم يكاتبه، وبَعْضَهُ إلى المكاتب، بحسب المِلْكِ، حتى أَدَّى مَالَ الكِتَابَةِ، عُتِقَ، ويقوم نَصِيبُ الشريك على المكاتب بشرط اليَسَارِ، ويرجع العَبْدُ إليه بما دفع، ويرجع هو على العَبْدِ بِقِسْطِ القدر الذي كاتب من القيمة، وإذا دَفَعَ جَمِيعَ ما اكْتَسَبَهُ إلى المُكَاتَبِ، حتى تم قدر النجوم، ففيه وجهان:

أحدهما: أنه يُعْتَقُ؛ لأن العِتْقَ في الكِتَابَةِ الفاسدة يَتَعَلَّقُ بحصول الصِّفَةِ، وقد حصلت.

وأصحُّهما: المَنْعُ؛ لأن المُعَاوَضَةَ تقتضي إِعْطَاءَ ما يملكه لينتفع بالمدفوع إليه.

وفي طريقة الصَّيدَلاَنِيِّ نَقْلَهُمَا قولين، ونِسْبَةُ الأول إلى ما أَطْلَقَة في كتاب ابن أبي لَيْلَى.

والثاني: إلى رواية الرَّبيع.

وأجرى الخلاف فيما إذا قال: إن أَعْطَيْتَنِي عَبْداً فأنت حُرٌّ، فأعطاه عَبْداً مُسْتحقاً؛ هل يحصل العِتْقُ؟ فإن قلنا: لا يُعْتَقُ، فللذي لم يُكَاتبْ أن يأخذ نَصِيبَهُ، كما أخذه المُكَاتَبُ فإنه ملكه، ثم إن أدَّى العَبْدُ تَمَامَ النُّجُوم من حِصَّتِهِ من الكَسْبِ، عُتِقَ، وإلاَّ فلا.

وإن قلنا: يُعْتَقُ، فيأخذ نَصِيبَهُ أَيضاً والتَّرَاجُعُ من المكاتب والعبد، وسِرَايَةُ العِتقِ على ما تقدم.

وإن صححنا كِتَابَةَ أَحَدِ الشريكين، فدفع العَبْدُ من كَسْبِهِ حِصَّتَهُ إلى المكاتب، أو جرت بينه وبين الذي لم يُكَاتب مُهَايَأَةٌ، فدفع ما اكْتَسَبَهُ في نَوْبَتِهِ إلى المكاتب حتى تَمَّتِ النجوم، عتق، وقُوِّمَ عليه نَصِيبُ الشريك إذا كان مُوسِراً وكذا لو أَبْرَأَهُ عن النُّجُومِ، أو أَعْتَقَهُ، وإن دفع إليه كُلَّ مَا اكْتَسَبَهُ حتى تم قدر النجوم ففي "جَمْع الجوامع" للقاضي الرُّوَيانِيِّ أن بَعْضَ الأصحاب جَعَلَ حُصُولَ العِتْقِ على وجهين، أو قولين، كما ذكرنا تَفْرِيعاً على قَوْلِ الفَسَادِ.


(١) في ز: ووضع.

<<  <  ج: ص:  >  >>