للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خِلاَفٌ قد [صرح] (١) به من بَعْدُ وإنما يستمر ما أَطْلَقَهُ هاهنا على تَجْوِيزِ الاسْتِبْدَالِ، وقد أجرى مِثْلَ هذا من خلاف أحكام الكتابة الفاسدة.

وإذا جوزنا الحِوَالَةَ بالنُّجُوم، أو عليها، فيحصل العتق بِجَرَيَانِ الحِوَالَةِ أيضاً، ولا يحصل بأدَاءِ بَعْضِ النجوم، أو بالإِبْرَاءِ عن بعضها عن بعض العَبْدِ، بل يتوقف على أَدَاءِ الكل، والإِبراء عن الكُلِّ؛ لما روي عن عَمْرِو بنِ شُعَيْب، عن أبيه، عن جَدِّهِ -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "المُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ من كِتَابَتِهِ" (٢).

ولو كاتب عَبْدَيْنِ أو عَبيداً دُفْعَةً واحدة، فقد ذكرنا خِلاَفاً في صِحَّةِ هذه الكتابة، وإذا صَحَّحْنَاهَا -وهو الأَظْهَرُ- فقد بَيَّنَّا أنَّه إذا أدَّى بَعْضُهُم حِصَّتَهُ عُتِقَ، وإن لم يُؤَدِّ الآخر، وحكينا خِلاَفَ أبي حنيفة، ومالك -رحمهما الله- فيه، فَلْيُعَلمْ قوله: "عتق أحدهما" [بالحاء والميم، ويجوز أن يُعَلَمَ بالواو أيضاً؛ لأن عِتْقَ أحدهما] بأداء نصيبه إنما يَسْتَمِرُّ على قَوْلِنَا بِصِحَّةِ الكتابة. فأما إذا حَكَمْنَا بِفَسَادِهَا فقد مَرَّ هناك أن الأَقْيَسَ أنَّه لا يعتق بعضهم بأداء حِصَّتِهِ خَاصَّةً.

ولو كاتب اثْنَانِ عَبْداً مُشْتَركاً بينهما معاً، فينبغي أن يسوى بينهما في الأَداءِ، ولا يعتق نصيب أحدهما بأدَاءِ نصيبه من النجوم على ما سيأتي.

ولو كاتب إنسان عَبْداً ومات، وخَلَفَ ابنين، فَأدَّى نصيب أحد الابنين بغير إذْنِ الآخَرِ، لم يعتق نَصِيبُهُ، وإن أدَّاهَ بالإِذْنِ ففي عَتْقِ نصيبه خِلاَفٌ سنشرحه من بَعْدُ إن شاء الله تعالى.

والذي أَطْلَقَهُ هاهنا جَوَابٌ على أحد القَوْلَيْنِ، وليعلم بالواو لما سيأتي.

وقوله: "إلا أن يكاتب واحداً ويخلف ابنين" لا يخفى أنَّه ليس باسْتِثنَاءٍ مُحَقّقٍ، ولما ذكر أن العِتْقَ لا يَتَبَعَّضُ بِبَعْضِ النجوم أَدَاءً أو إِبْرَاءً.

أَشَارَ بِذِكْر هذه الصورة إلى أن ذلك فيما إذا اتَّحَدَ المُكَاتَبُ والمالك، فأما إذا


(١) سقط في: ز.
(٢) رواه أبو داود [٣٩٢٦ - ٣٩٢٧] والنسائي والحاكم [٢/ ٢١٨] رواه ابن ماجه [٢٥١٩] رواه الترمذي [٢٦٠] من طرق، رواه النسائي وابن حبان من وجه آخر من حديث عطاء عن عبد الله بن عمرو بن العاص في حديث طويل، ولفظه: ومن كان مكاتباً على مائة درهم، فقضاها إلا أوقية، فهو عبد، قال النسائي: هذا حديث منكر، وهو عندي خطأ، وقال ابن حزم: عطاء هذا هو الخراساني، ولم يسمع من عبد الله بن عمرو، وقال الشافعي من حديث عمرو بن شعيب: لا أعلم أحداً روى هذا إلا عمرو بن شعيب، ولم أر من رضيت من أهل العلم يثبته، وعلى هذا فتيا المفتين. قاله الحافظ في التلخيص.

<<  <  ج: ص:  >  >>