للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلنا بالسِّرَايَةِ في الحال، فَتَنْفَسِخُ الكِتَابَةُ في نَصِيبِ الشريك فيسري (١) العِتْقُ مع بقاء الكِتَابَةِ؟

فيه وجهان:

أظهرهما: -ولم يُورِدْ أَكثرهم غَيْرَهُ- أنها تَنْفَسِخُ؛ لأن الإِعْتَاقَ أَقْوَى من الكتابة، فعلى هذا يُعْتَقُ كُلُّهُ على الشَّرِيكِ المعتق، ويكون الوَلاَءُ له.

والثاني: يَسْرِي العِتْقُ إليه، مع بَقَاءِ الكتابة لئلا تَتَبَعَّضَ الحُرِّيَّةُ، ولا يبطل حق الآخر، وعلى هذا فَوَلاءُ النِّصْفِ الآخر للشريك، لا للذي أعتق نَصِيبَهُ.

وإن قلنا: لا تثبت السِّرَايَةُ في الحَالِ؛ فإن أَدَّى نَصِيبَ الآخر من النجوم، عُتِقَ عن الكتابة، وكان الوَلاء بينهما. فإن عَجَزَ وعاد إلى الرِّقِّ، تثبت السِّرَايَةُ حينئذ، ويكون الوَلاَءُ كله للشريك المُعْتِقِ، ويجيء الخِلاَفُ في أنها تَثْبُتُ بنفس العجز، أو بأداء القيمة، أو يَتَبَيَّنُ بأَدَاءِ القيمة حُصُولُ العتق من وقت العَجْزِ، ويجري هذا الخِلاَفُ على قولنا بثبوت السِّرَايَةِ في الحال. وأيضاً: وإن مات قبل الأَدَاءِ أو العجز، فقد مات [حراً] (٢) وَبَعْضُهُ رَقِيقاً. وهل يورث عنه؟

فيه الخلاف المذكور في "الفَرَائِضِ". ولو أَبْرَأَ أَحَدُ الشريكين عن نَصِيبهِ من النجوم، فهو كما لو أَعْتَقَهُ والقول في السِّرَايَةِ، وفي وقتها، كما ذكرنا فيما لوَ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نصيبه، فلو قبض أحدهما نَصِيبَهُ من النجوم بِرِضَا صاحبه، فهل يعتق نصيبه؟

فيه خلاف يأتي شَرْحُهُ إن شاء الله -تعالى- في المسألة الخَامِسَةِ من الحكم الثاني. فإن قلنا: يُعْتَقُ، فهو كالإِعْتَاقِ في السِّرَايَةِ وَوَقْتِهَا.

قال الإِمام: ولا نقول: هو مُجْبَرٌ على القَبْضِ، فلا يَسْرِي؛ لأنه مختار في إِنْشَاءِ الكِتَابَةِ التي اقْتَضَتْ إِجْبَارَهُ على القبض، فهو كما لو قال أَحَدُ الشَّرِيكين: إذا طلعت الشَّمْسُ فَنَصِيبي منك حُرٌّ. فإذا طلعت عُتِقَ نصيبه، وسَرَى؛ لأنه مُخْتَارٌ في التعليق.

نعم: إذا كاتب عَبْداً، ومات عن ابْنَيْنِ، فقبض أحدهما نَصِيبَهُ وقلنا: إنه يُعْتَقُ نصيبه على ما سَيَأْتِي إن شاء الله -تعالى- فلا يَسْرِي؛ لأنه مُجْبَرٌ على القَبْضِ، وابتداء الكِتَابَةِ لم تصدر منه ويجوز أن يُعْلَمَ قوله: "عتق" بالواو، وكذا قوله: "ولم يسر" لما سنذكر من بَعْدُ إن شاء الله تعالى.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: فَرْعٌ: لَوِ ادَّعَى العَبْدُ عَلَى الشَّرِيكيْنِ أنَّهُ وَفَّاهُمَا بِالنُّجُومِ فَصَدَّقَهُ


(١) في ز: أفيسري.
(٢) سقط في: ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>