للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومقصود الصُّورَةِ الأُولَى القَوْلُ فيما إذا كانت الدُّيُونُ للسيد وَحْدَهُ، وكانت الكتابة بَاقِيَةً؛ فإذا كان للسيد مع النُّجُومِ دَيْنُ معاملة على المكاتب، أو أَرْشُ جِنَايَةٍ عليه، أو على ماله؛ فإن تَرَاضَيَا على تَقْدِيم الدَّيْنِ الآخر وتَأَخُّر النجوم فذاك، وإن تَرَاضَيَا على تقديم النُّجُومِ عُتِقَ ثم الظاهر أن الدَّيْنَ الآخر يسقط، فللسيد مُطَالَبَتُهُ به.

ولو كان ما في يَدِهِ وافياً بالنجوم، ولم يَفِ بالدين الآخر؛ فإن أَدَّاهَا عن النجوم برضا السيد، فالحكم ما بَيَّنَّا, وللسيد أن يَمْنَعَهُ من تَقْدِيم النجومِ؛ لأنه لا يَجِدُ مَرْجَعاً لِلدَّيْنِ الآخر، إذا تَقَدَّمت النجوم عُتِقَ؛ فيأخذ ما في يَدِهِ عَن الدَّيْنِ، ثم يعجزه.

وهل له تعجيزه قَبْلَ أَخْذِ ما في يَدِهِ؟ فيه وجهان:

أحدهما -لا؛ لأنه قادر على أَدَاءِ النجوم فيما لم يخل يده عنها لا يحصل العَجْزُ. ويُنْسَبُ هذا إلى اختيار الصَّيْدَلاَنِيِّ.

وأوجههما -عند الإِمام وغيره رحمهم الله- نَعَم؛ لأنه يتمكن من مُطَالَبَتِهِ بالدَّيْنَيْنِ معاً وأخذ ما في يَدِهِ عنهما؛ وحينئذ فيعجز عن قِسْطٍ من النجوم.

ولو دَفَعَ المُكَاتَبُ ما في يَدِهِ إلى السَّيِّدِ، ولم يتعرضا للجهة، ثم قال المكاتب: قصدت النُّجُومَ، وأنكر السَّيِّدُ، فعن القَفَّالِ: أن المُصَدَّقَ المُكَاتَبُ. كما لو كان على الرجل دَيْنَانِ، وكان قد رهن بأحدهما، فَأَدَّى، فقال: أردت ذلك الدَّيْن.

وقال الصَّيْدَلاَنِيُّ: ينبغي أن يصدق السيد؛ لأن الاختيار هاهنا إلى السَّيِّدِ، بخلاف سائر الديون.

ولو قال المكاتب: قَصَدْتُ النُّجُومَ، وسلم له السَّيِّدُ قصده، ولكن قال: قَصَدْتُ الدَّيْنَ الآخر؛ فعلى ما ذكره القَفَّالُ: يُحْكَمُ بِقَوْلِ المُكَاتَب. وعلى ما ذكره الصَّيْدَلاَنِيُّ: بِقَوْلِ السيد. والله أعلم.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ لِلأَجَانِبِ دَيْنُ مُعَامَلَةِ وَأَرْشُ جِنَايَةٍ فَقَوْلاَنِ، النَّصُّ أَنْ يُوَزَّعَ مَا فِي يَدِهِ عَلَيْهِمْ إِنْ ضَاقَ عَنْ جَمِبعِهِمْ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُقَدَّمُ دَيْنُ المُعَامَلَةِ لِأنَّ الأَرْشَ لَهُ مُتَعَلقٌ بِالرَّقَبَةِ، ثُمَّ الأَرْشُ يُقَدَّمُ عَلَى النُّجُومِ كَمَا يُقَدَّمُ عَلَى حَقِّ المَالِكِ هَذَا إِذَا كَانَ قَدْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِالْتِمَاسِ الغُرَمَاءِ، فَأمَّا قَبْلَ الحَجْرِ فَلَهُ أَنْ يُقَدِّمَ مَنْ أَرَادَ مِنْهُم الثَّالِثَةُ: أَنْ يُعَجِّزَ نَفْسَهُ وَعَلَيْهِ أَرْشٌ وَدَيْنُ مُعَامَلَةٍ فَقَدْ سَقَطَ النُّجُومُ وَمَا فِي يَدِهِ يُوَزَّعُ عَلَى الدَّيْنَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ، وَقِيلَ: يُقَدَّمُ دَيْنُ المُعَامَلَةِ لِيَرْجِعَ الأرْشُ إِلَى الرَّقَبَةِ، وَقِيلَ: يُؤَخَّرُ دَيْنُ المُعَامَلَةِ لِأنَّ صَاحِبَهُ رَضِيَ بِذمَّتِهِ، ثُمَّ لِمُسْتَحِقِّ الأَرْشِ تَعْجِيزُ المُكَاتَبِ حَتَّى يَبِيعَ رَقَبَتَهُ، فَلَوْ أَرَادَ السَّيِّدُ فِدَاءَهُ لِتَبْقى الكِتَابَةُ فَالصَّحِيحُ أنَّهُ لاَ يَجِبُ قَبُولُهُ، وَأَمَّا صَاحِبُ دَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>