ونقل عن مالك أنه يستثني الجمعة فلا يكتفي فيها بذلك.
وقوله: (كقدر غلوة سهم) ليس للتمثيل المحض، وإنما المراد تقدير القرب كما سبق.
وقوله: (يسمع فيها صوت الإمام) ليس اشتراط ذلك في الغلوة، وإنما هو إشارة إلى أن القدر المذكور يبلغ فيه صوت الإمام إذا جهر لتبليغ المأموم الجهر المعتاد في مثله، وإذا كان كذلك كانا مجتمعين متواصلين، فلذلك قدر القرب به.
وقوله: (ملكاً) معلم بالواو لما تقدم.
وقوله: (مبنياً أو غير مبني) أي: محوطاً أو غير محوطٍ، ويجوز أن يريد المسقف وغير المسقف، فإن الصفة الكبيرة والبيوت الواسعة داخلة في هذه.
الحالة الثانية: أن لا يكون في فضاء واحد.
وقوله: "وإما باتصال محسوس ... " إلى رأس الفرع كلام في هذه الحالة فنقول: إذا وقف الإمام في صحن الدار أو في صلتها والمأموم في بيت أو بالعكس، فموقف المأموم قد يكون على يمين موقف الإمام أو يساره، وقد يكون خلفه، وفيهما طريقان للأصحاب:
أحدهما: أن في الصورة الأولى يشترط في جواز الاقتداء أن يكون الصف مُتَّصِلاً مِنَ الْبِنَاءِ الذي فيه الإمام إلى البناء الذي فيه المأموم، بحيث لا تبقى فرجة تسع واقفاً؛ لأن اختلاف البناء يوجب كونهما مفترقين، فلا بد من رابطة يحصل بها الاتصال، فإن بقيت فرجة لا تسع واقفاً فوجهان:
أصحهما: أنه لا يضر؛ لأنه معدود صفاً واحداً، فلو كان بينهما عتبة عريضة يمكن أن يقف عليها رجل وجب أن يقف عليها واحد واثنان من جانبيها، وإن كانت بحيث لا يمكن الوقوف عليها فعلى الوجهين في الفرجة اليسيرة.
وأما في الصورة الثانية ففي جواز الاقتداء وجهان:
أحدهما: المنع؛ لما ذكرنا أن اختلاف البناء يوجب افتراقهما، وإنما جوزنا في اليمين واليسار؛ لأن الاحتمال المحسوس بتواصل المناكب فيه ممكن.
وأظهرهما: الجواز إذا اتصلت الصفوف، وتلاحقت؛ لأن هذا هو القدر الممكن فيه، وكما تمس الحاجة إلى الاقتداء في بناء آخر على اليمين واليسار، تمس إليه في بناء آخر خَلْفَه، فيكتفي فيه بالمُمْكِن، ومعنى اتصال الصُّفُوفِ: أن يقف رجل أو صف في آخر البناء الذي فيه الإمام، ورجل أو صَفٌ في أول البناء الذي فيه المأموم، بحيث لا يكون بينهما أكثر من ثلاثة أذرع، وهذا القدر هو المشروع بين الصَّفَّيْنِ، وإذا وجد هذا