للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"التهذيب": القول قَوْلُ السيد مع يَمِينِهِ؛ لأنه يَدَّعِي فَسَادَ العقد (١) ولو أقام العَبْدُ بَيِّنَةً على أنه كَاتَبَهُ في رَمَضَانَ سَنَةَ كذا على أَلْفٍ، وأقام السيد بَيِّنَةً أنه كَاتَبَه في شوال ذلك السَّنَةِ على ألفين، فإن اتَّفَقَا على أن الكِتَابَةَ كانت واحدة، وكل واحد منهما تكذبه الأخرى، فَتَسْقُطُ البَيِّنَتَانِ، وَيَتَحَالَفَانِ، فإن لم يَتَّفِقَا على الاتِّحَادِ، فالبيِّنَةُ المتأخرة أَوْلَى، لأنه ربما كانت في رَمَضَانَ، ثم ارْتَفَعَت تلك الكتابة فَأَحْدَثَ كِتَابَةً أخرى.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: (الثَّالِثَةُ) لَوْ مَاتَ مُكَاَتَبُهُ وَلَهُ وَلَدٌ مِنْ مُعْتِقَةٍ فَقَالَ عَتَقَ قَبْلَ المَوْتِ وَجَرَّ إِليَّ وَلاَءَ وَلَدِهِ فَالقَوْلُ قَوْلُ مَوَالِي الأمِّ لِأَنَّ الأَصْل بقاء الوَلاَءِ لَهُمْ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَدُ المُكَاتِب من زَوْجَتِهِ المعْتَقَةِ حُرٌّ، وَوَلاَؤُهُ لِمَوَالِيَهَا، فإن عَتَقَ المُكَاتَبُ [انْجَرَّ] (٢) الوَلاءُ إلى موَالِيهِ، كما سبق في جَرِّ الوَلاَءِ فإن مات المُكَاتبُ، واختلف مَوْلاَهُ وموالي أُمِّ أولاده، فقال مَوْلاَهُ: عُتِقَ بأداء النجوم، ثم مات وجَرَّ ولاء أولاده إلى وأنكر مَوَاليها فهم المُصَدَّقُونَ باليمين، وعليه البَيِّنَةُ.

وهل يكفي شَاهِدٌ وامرأتان، أو شاهد وَيمِينٌ؟

فيه خِلاَفٌ في أن النَّجْمَ الآخر؛ هل يَثْبُتُ بذلك.

ويدفع مال المكاتب إلى وَرَثَتِهِ الأَحْرَارِ؛ لإقرار السَّيِّدِ بأنه مات حُرّاً.

ولو أقر السَّيِّدُ في حَيَاةِ المُكَاتَب بأنه أدَّى النُّجُومَ، عُتِقَ، وجرّ إليه [ولاء] ولده. والله أعلم.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: الرَّابِعَةُ: كَاتَبَ عَبْدَيْنِ وَأَقَرَّ بِأَنَّهُ قَبَضَ نُجُومَ أَحَدِهِمَا وَنَكَلَ عَنْ دَعْوَى الثَّانِى حَتَّى حَلَفَ الثَّانِي عَتَقَ العَبْدَانِ جَمِيعاً، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ البَيَانِ حَلَفَ الوَارِثُ عَلَى نَفْي العِلْمِ بِمَا عَمَّاهُ المُوَرِّثُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَوْلٍ، وَلاَ يُقْرَعُ عَلَى قَوْلٍ؛ لأنَّهُ اسْتِبْهَامٌ فِي دَيْنٍ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا كاتب عَبْدَيْنِ في صَفْقَتَيْنِ، أو في صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ، وجَوَّزْنَاهَا، ثم أَقَرَّ بأنه اسْتَوْفَى نُجُومَ أحدهما، أوَ أنه أبْرَأَ أحدهما عَمَّا عليه؛ فَيُؤْمَرُ بالبَيَانِ، فإن قال: نَسِيتُهُ، أمر بالتَّذَكُّرِ، ولا يُقْرَعُ بينهما ما دام حَيّاً؛ لأن الإِنْسَانَ قد يَتَذَكَّرُ ما نَسِيَ، وَيَتَبَيَّنُ له ما اشْتَبَهَ عليه، وذلك أَقْرَبُ إلى الحَقِّ من القُرْعَةِ.

وفي كتاب القاضي ابن كَجٍّ وَجْهٌ: أنه يُقْرَعُ بينهما، وإن كان حَيّاً، كما سنذكر أنه


(١) قال النووي في زياداته: ينبغي أن يكون على الخلاف فيما لو اختلف المتبايعان في مفسد للبيع.
(٢) في ز: الحر.

<<  <  ج: ص:  >  >>