للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنِّكَاحَيْنِ، وأجريا حيث علم التعيين، وليس عن الوُصُولِ إلى دَرَكِهِ، فالإِقْرَاعُ هاهنا تفريع على أحد القولين.

ولك أن تمنع قوله: إنه لا إقراع فيما إذا أعتق عبداً بِعَيْنِهِ، وأشكل الحال.

وتقول: قد سَبَقَ في "العِتْقِ" أنه إذا أعتق أَحَدَ عَبْدَيْهِ، وأراد مُعَيَّناً، ومات قبل البيان، ولم يكن له وَارِثٌ، أو قال الوَارِثُ: لا أَعْلَمُ، فالظاهر أنه يُقْرَعُ.

فإن قلنا: يُقْرَعُ؛ فمن خَرَجَتْ له القُرْعَةُ فهو حُرٌّ، وعلى الآخر أَدَاءُ النجوم.

وإن قلنا: لا يقْرَعُ؛ قال الإمَامُ: الذي يَقْتَضِيهِ القِيَاسُ التَّوَقُّفُ إلى اصطلاح (١) أو بَيَانٍ، أو قيام بَيِّنَةٍ، وَيَنْقَدِحُ أن يقَال: للوارث أن يُعَجِّزَهُمَا، فإنهما مُمْتَنِعَانِ من الأَدَاء وأحدهما مُكَاتَبٌ؛، فينفذ التعجيز فيه، وحينئذ فأحدهما حُرٌّ، والآخر رَقِيقٌ، فَيُقْرَعُ.

وأما طَرِيقَةُ الأكثرين فقد قالوا: إذا مات قبل البَيَانِ، ففيه قولان:

أن الوَارِثَ لا يَقُومُ مَقَامَهُ في البَيَانِ؛ بل يُقْرَعُ؛ فمن خرجت له القُرْعَةُ فهو حُرٌّ، وعلى الآخر أَدَاءُ النجوم، وله تَحْلِيفُ الوارث على نَفْي العلم.

والثاني: أن الوارث يَقُومُ مَقَامَهُ، ولا قُرْعَةَ، وإذا تَبَيَّنَ، فالحكم كما سبق في بَيَانِ الوارث؛ إلاَّ أن الوَارِثَ يَحْلِفُ عَلَى نَفْي العلم، وهذا أشبه بالترجيح على قِيَاسِ ما تَقَدَّمَ، فيما إذا أعتق أَحَدَ عَبْدَيْهِ، وأراد مُعَيّناً، ومات قبل البَيَانِ، فإن قال الوارث: لا أَعْلَمُ من أَدَّى منهما، فلكل واحد تَحْلِيفُهُ على أنه لا يعلم أنه أدَّى، فإذا حلف لهما، فوجهان:

أحدهما: أنه يستوفى من كُلِّ وَاحِدٍ ما عليه، كما إذا أقر بأن أحد غريميه بَرِيءٌ مما كان عليه، ومات قبل البَيَانِ وحلف الوَارِثُ لكل واحد منهما، فإنه يَسْتَوْفِي الدَّيْنَيْنِ جميعاً.

وحكى ابن الصَّبَّاغ وَقْفَ العِتْقِ على أن يُؤَدِّيَ كل واحد جَمِيعَ ما عَلَيْهِ. قال: وعندي: إن اسْتَوَى المَالاَنِ، فقالا: نُؤَدِّي ما على أَحَدِنَا. أو اختلفا، فقالا: نُؤَدِّي الأكثر ليعتق (٢)، كان لهما ذلك؛ لأنهما بادائه أَدَّيَا جميع ما عليهما.

والوجه الثاني؛ وبه قال القاضي أبو الطَّيِّبِ: إنه إذا قال الوَارِثُ: لا أعلم. يُقْرَعَ بينهما.

قال الرُّويَانِيُّ: وهذا أَصَحُّ، ولو أقر باسْتِيفَاءِ بعض نُجُومِ أحدهما، ولم يبين، فلا قُرْعَةَ؛ لأن العِتْقَ لا يحصل به، بل يوقف الأمر.


(١) في أ: إصلاح.
(٢) في ز: لعتق.

<<  <  ج: ص:  >  >>