قَالَ الرَّافِعِيُّ: مَمْنُوعٌ من وطء مُكَاتَبَتِهِ لاختلال مِلْكِهِ فيها، ولو شرط في الكِتَابَةِ أن يَطَأَهَا، فَسَدَ العَقْدُ؛ خِلاَفاً لمالك، حيث قال: يَصِحُّ العَقْدُ وَيلْغُو الشَّرْطُ.
ولأحمد حيث قال بِصِحَّتِهَا.
ثم إن خَالَفَ ما ذكرناه وَوَطِئَ مُكَاتَبَتَهُ، فلا حَدَّ عليه، سواء كان عالماً بالتَّحْرِيمِ، أو جَاهِلاً؛ لأن له فيه مِلْكاً. وإن كان ضَعِيفاً؛ ألا تَرَى أنه يَنْفُذُ إِعْتَاقُهُ فيها، ويجيء قَوْلٌ قديم في وجوب الحَدِّ، ذكرناه في كتاب "حَدِّ الزِّنَا" وقد أشار إليه أبو الفَرَج السَّرَخْسِيُّ هاهنا، فيجوز أن يُعَلمَ قوله:"ولكن لا حد" بالواو ويُعَذَّرُ إنْ كان عَالِماً بالتَّحْرِيم. وكذلك المكاتبة. وفي كتاب القَاضِي ابْنِ كَجٍّ حِكَايَةُ وجْهٍ: أنه يُعَزَّرُ، وإِن كان عَالِماً للشُّبْهَةِ في المَحَلِّ، وحَقُّ هذا أن يَطَّرِدَ في نَظَائِرِهِ.
ويجب المَهْرُ في صُورَتَي العِلْمِ والجهل، إن كانت هي مُكْرَهَة، كان طَاوَعَتْهُ.
ففي وجه: لا يجب المَهرُ؛ لأنها هَدَرتْ نفسها بلا عِوَضٍ وعن "المنهاج": تَرْجِيحُ هذا الوجه. والصَّحِيحُ؛ وهو المَنْصُوصُ في "الأُمِّ" أنه يجب مع الطَّوَاعِيَةِ؛ لأن المُسْقِطَ لِلْحَدِّ شُبْهَةُ المِلْكِ، وهي تَقْتَضِي وُجُوبَ المَهْرِ، مع الطَّوَاعِيَةِ، كشبهة المِلْكِ.
وعن مالك: أنه لا حَدَّ بِحَالٍ.
لنا: أن مَنَافِعَ بُضْعِهَا لها؛ ألا ترى أنه لو وَطِئَهَا غيره بِشُبْهَةٍ، كان المَهْرُ لها، وإذا وجب المَهْرُ، فلها أَخْذُهُ في الحال، وإن حَلَّ عليها نجوم وهما من جِنْسٍ واحد، فعلى الخلاف في التَّقَاصَّ. وإن عَجَزَتْ قبل أَخْذِهِ سَقَطَ، كان عُتِقَتْ بأداء النجوم، فلها المُطَالَبَةُ به، ولو أن السَّيِّدَ أَوْلَدَهَا، فالولد حُرٌّ؛ لأنها علقت به في ملكه، وتصير هي مُسْتَوْلَدَةً له. وهل عليه قِيمَةُ الوَلَدِ؟
إن قلنا: إن وَلَدَ المُكَاتَبَةِ قِنٌّ لِلسَّيِّدِ، أو قلنا: يتكاتب [عليه](١)، لكن حَقَّ المِلْكِ فيه للسيد، فلا شَيْءَ عليه، كما لو قتل ولد المكاتبة.
وإن قلنا: الحَقُّ لها؛ فعليه القِيمَةُ، وتَسْتَعِينُ المُكَاتَبَةُ بها، فإن عَجَزَتْ قبل الأَخْذِ