وأظهرهما عند صاحب "التهذيب" والرُّوياني، والأكثرين: أنه يمنع لحصول الحائل من وجه، وجانب المنع أولى بالتغليب، هذا كله في الموات المتصل بالمسجد.
ولو وقف في شارع متصل بالمسجد فهو كالموات، كذلك ذكره الشيخ أبو محمد.
وفيه وجه [آخر] أنه يشترط اتصال الصف بين المسجد والطريق، ولو وقف في حريم المسجد فقد ذكر في "التهذيب": أنه كالموات؛ لأنه ليس بمسجد، وذكر أيضاً أن الفضاء المتصل بالمسجد لو كان مملوكًا فوقف المأموم فيه لم يجز الاقتداء به، حتى يتصل الصَّف من المسجد بالقضاء، وكذلك يشترط اتصال الصف من سطح المسجد بالسطح المملوك، وكذا لو وقف في دار مملوكة متصلة بجنب المسجد يشترط اتصال الصف بأن يقف رجل في آخر المسجد متصلاً بعتبة الدار، وآخر في الدار متصلاً بالعتبة بحيث لا يكون بينهما موقف رجل، وهذا الذي ذكره في الفضاء غير صَافٍ عن الإشكال؛ لأن حكم الفضاء المملوك والموات واحد في ظاهر المذهب كما سبق، فليكن الفضاء المملوك المُتَّصِل بالمسجد كالمَوَاتِ.
وأما في الدور فالذي ذكره مثل الطريقة المذكورة في الكتاب في البنائين المملوكين، وحكى العراقيون عن أبي إسحاق: أنه إذا صلى الرجل في بيته وبينه وبين المسجد جدار المسجد صح، كما سبق في الموات.
وقال أبو علي الطبري في "الإفصاح": لا يشترط اتصال الصفوف إذا لم يكن حائل، ويجوز الاقتداء إذا وقف في حد القرب.
وأما قوله في الكتاب:(ولو كان بينهما شارع إلى آخره) فهذه المسألة لا تختص بما إذا وقف الإمام في المسجد، والمأموم في الموات، بل يجري فيه، وفيما إذا كان في الصحراء وغيرها ما لم يكونا في المسجد على ما تقدم، والمحكى عن مالك أنهما لا يمنعان الاقتداء، وعن أبي حنيفه وأحمد: أنهما يمنعان، وصورة الوجهين فيما إذا كان الإمام في المسجد والمأموم في الموات أن يكون النهر في الموات.