للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُثْبِتُ القِصَاصَ للسَّيِّدِ، فإن عَفَا أو كان القَتْلُ خَطَأً، فهو كما لو جَنَى على السيد.

ولو أَعْتَقَ السيد المُكَاتَبَ بعد جِنَايَتِهِ عليه، أو أَبْرَأَهُ عن النجوم، فإن لم يكن في يَدِهِ شَيْءٌ سَقَطَ الأَرْشُ؛ لأنه أَزَالَ المِلْكَ عن الرَّقَبَةِ التي كانت متعلق الأَرْشِ باختياره، ولا مَالَ غيرها.

قال الإمَامُ: وفيه احْتِمَالٌ أَخْذاً من اسْتِقْلاَلِ المكاتب، وثبوت حقوق السيد في ذِمَّتِهِ. وإن كاَن في يَدِهِ مَالٌ؛ ففي تَعَلُّقِ الأرْشِ بما في يَدِهِ وجهان:

أحدهما: المنع؛ لأن الأَرْشَ كان مُتَعَلِّقاً بالرَّقَبَةِ، وقد تَلِفَتْ.

وأظهرهما: التَّعَلُّقُ، والتَّوَجِيهُ المَذْكُورُ مَمْنُوعٌ، بل الأَرْشُ مُتَعلَّقٌ بالرقبة، وبما في يَدِهِ. وذكر في "التهذيب" أنه يُطَالَبُ بالأَرْشِ من غير تَفْصِيل، وفرق بين أن يكون في يَدِهِ شَيْءٌ، أو لا يكون، ويَقْرُبُ منه قَوْلُهُ في الكتاب "فالصخيح أن يُطَالِبُهُ بالأرْشِ بعد العِتْقِ"، وإلاَّ ثَبَتَ ما قَدَّمْنَاهُ.

ولو أَدَّى النجوم فَعُتِقَ، فالأَجْوِبَةُ مُتَّفِقَةٌ على أن الوَاجِبَ لا يسقط كما لا يسقط فيما إذا جَنَى على أَجْنَبِيِّ، وأَدَّى النجوم، عُتِقَ.

ثم [ظاهر ما] (١) رَدَّدُوهُ في هذا الموْضِع أنه يجب الأَرْشُ بَالِغاً مَا بَلَغَ وقد نَصَّ عليه الشَّافِعِيُّ -رضي الله عنه- فذكر فيما لو قَطَعَ المُكَاتَبُ يَدَ سَيِّدِهِ قَطْعاً يُوجِبُ المَالَ، أو عاد بالعفْوِ إِلى المال.

وقلنا: لاَ بُدَّ من الصبرِ إلى الاندمال، فانْدَمَلَ بعدما أَدَّى المَالَ وعُتِقَ، أن عليه أَرْشَ اليَدِ بِتَمَامِه؛ وهو نِصْفُ الدِّيَةِ.

وفرق بين ما نحن فيه وبَيْنَ ما إذا جَنَى على أَجْنَبِيٍّ، ثم أَدَّى النُّجُومَ، وعُتِقَ حيث ذكرنا اخْتِلاَفاً فيما (٢) يجب عليه بأن الوَاجِبَ في الجِنَايَةِ على السَّيِّدِ لا يَتَعَلَّقُ بذِمَّةِ المُكَاتَب، وإنما هو في ذِمَّتِهِ، فيجب بكماله، كما لو جَنَى حُرٌّ على حُرٍّ، وأَرْشُ الجنَايَةِ على الأَجنبي يتعلَّقُ بالرَّقَبَةِ، فجاز ألاَّ يزاد عليها.

ومنهم من طَرَدَ القَوْلَ الآخَرَ؛ وهو وُجُوبُ أَقَل الأمرين. وقال: العِتْقُ لا يُغيِّرُ ما تَقَدَّمَ وجوبه.

الثالثة: عبد المُكَاتَبِ إذا جنى؛ فإما أن يجني على أجنبي، أو على سَيِّدِهِ وهو المُكَاتَبُ، أو على سَيِّدِ سَيِّدِهِ:


(١) سقط في: ز.
(٢) في أ: فما.

<<  <  ج: ص:  >  >>