للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجديد على ما يشعر به لفظ الكتاب، فالمسألة مما يفتي فيها على القديم (١)؛ لأن الأصح عند جمهور الأصحاب جواز الاقتداء، ويجوز أن يعلم قوله: [(لم يجز) بالزاي؛ لما ذكرنا من مذهب المزني.

وقوله: (على الجديد) بالواو] (٢) لأمرين:

أحدهما: الطريق الثاني للخلاف في بعض الأحوال.

والثاني: الطريق الثاني للخلاف في المسألة أصلاً ورأساً.

قال الغزالي: وَإِذَا شَكَّ المَسْبُوقُ أَنَّ الاِمَامَ هَلْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ رُكُوعِهِ؟ فَفِي إِدْرَاكِهِ قَوْلاَنِ لأَنَّ الأَصْلَ كَوْنُهُ لَمْ يُدْرِكْ، وَيُعَارِضُهُ أَنَّ الأَصْلَ أنَّهُ لَمْ يَرْفعَ رَأْسَهُ.

قال الرافعي: الأصل الذي تتفرع عليه المسألة: أن من أدرك الإمام في الركوع كان مدركاً للركعة، لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ مِنَ الرَّكْعَةِ الأَخِيرَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَليُضِفْ إِلَيْهَا أُخْرَى، وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ الرُّكُوعَ عَنِ الرَّكْعَةِ الأَخِيرَةِ فَلْيُصَلِّ الظُّهْرَ أَرْبَعاً" (٣). وروي أن أبا بَكْرَة دخل المسجد، والنبي -صلى الله عليه وسلم- رَاكِعٌ، فركع ثم دخل الصف، وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك (٤)، ووقعت ركعته معتداً بها، وذكر في "التتمة" أن أبا عاصم العبادي حكى عن محمد بن إسحاق بن خزيمة من أصحابنا أنه قال: لا تدرك الركعة بإدراك الركوع ويجب تداركها.

واحتج بما روي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُّوعِ فَلْيَرْكَع مَعَهُ، وَلْيُعِدِ الرَّكْعَةُ" (٥).

وروى الحاكم أبو عبد الله في "تاريخ نيسابور"، ومثله عن أبي بكر الصِبْغي (٦)،


(١) انظر المسائل التي يفتى بها على القديم في مقدمتنا.
(٢) سقط من (ب).
(٣) أخرجه الدارقطني (٢/ ١٠ - ١٣) والحاكم في المستدرك (١/ ٢٩) من ثلاث طرق، وقال: إسناده على شرط الشيخين.
(٤) تقدم.
(٥) قال ابن الملقن في الخلاصة (١/ ١٩٧) غريب وفي طبقات العبادي أن ابن خزيمة روى في ذلك خبراً مسنداً، وأنه قول أبي هريرة، ورواه الدارقطني في علله من رواية معاذ -رضي الله عنه- وضعفه، وانظر التلخيص (٢/ ٤١ - ٤٢).
(٦) أبو بكر، أحمد بن إسحاق بن أيوب النيسابوري، المعروف بالصِبْغي بكسر الصاد المهملة، وإسكان الباء الموحدة، وبالغين المعجمة. كان واسع العلم، إماماً في الفقه والحديث والأصول، ذا تصانيف جليلة، ولد في شهر رجب سنة ثمان وخمسين ومائتين، وتوفي في شعبان سنة اثنتين وأربعين وثلثمائة، قاله السمعاني في الأنساب، ونقله عنه النووي في "تهذيبه".

<<  <  ج: ص:  >  >>