للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في قراءة التشهد، وفي التسبيحات على أصح الوجهين، فهذا حكم تكبيره إذا لحق الإمام.

أما إذا سلَّم الإمام فقام المسبوق ليتدارك فقد قال في الكتاب: "إِنَّه يقوم من غير تكبير" وأسنده إلى النص، وهكذا فعل في "الوسيط" وذكر أن الشيخ أبا محمد قال: إنه يكبر للانتقال، ولم يرسل جمهور الأئمة الخلاف في المسألة، وهكذا، وحيث أثبتوا الخلاف لم يسندوا نفي التكبير إلى النَّصِّ، ولكن قالوا: ينظر إن كان الجلوس الذي سلم من الإمام موضع الجلوس المسبوق كما لو أدركه في الثالثة من الصلوات الرباعية، أو في الثانية من المغرب، فيقوم مكبراً، فإنه لو كان وحده لكان هكذا يفعل، وإن لم يكن موضع جلوسه كما إذا أدركه في الثانية أو الرابعة من الرباعيات أو في الثالثة من المغرب ففيه وجهان:

أظهرهما: وبه قال القفال: أنه لا يُكَبِّرُ عند قيامه؛ لأنه ليس موضع تكبيره، وليس فيه موافقة الإمام.

والثاني: ويحكى عن أبي حامد: أنه يُكَبِّر كَيْلاَ يَخْلُو الانتقال عن ذكره، ومتى لم يكن الموضع جلوسه لم يجز له المكث بعد سلاَم الإمام، ولو مكث بطلت صلاته، وإن كان موضع جلوسه لم يضر المُكْث.

وقوله: (والمسبوق عند سلام الإمام) لك أن تبحث فتقول الاعتبار بالتسليمة الأولى، أو بالثانية، فاعلم أن السنة أن يقوم عقيب تسليمتي الإمام فإن الثانية من الصلاة وإن لم تكن مفروضة، ويجوز أن يقوم عقيب الأولى، ولو قام قبل تمامها بطلت صلاته، إن تعمد القيام، وهذا يبين أنه ليست كلمة "عند" للحصر -أعني في قوله: (عند سلام الإمام) ومن الأصول في المسبوق أن ما يدركه مع الإمام أول صلاته، وما يأتي به بعد سلام الإمام آخر صلاته، حق لو أدرك ركعةً من المغرب، فإذا قام لإتمام الباقي يجهر في الثانية ويسر في الثالثة، ولو أدرك ركعةً من الصبح وقنت مع الإمام، يعيد القنوت في الركعة التي يتداركها بعد سلام الإمام، ونص الشافعي: أنه لو أدرك ركعتين من صلاة رباعية ثم قام للتدارك يقرأ السورة بعد الفاتحة في الركعتين، وهذا يخالف قياس الأصل الذي ذكرناه، فمن الأصحاب من قال: إنه جواز على قوله: (يستحب قراءة السورة في الركعات) ومنهم من قال: وإنما أمره بقراءة السورة؛ لأن إمامه لم يقرأ السُّورة في الركعتين اللتين أدركهما، المسبوق وفاتته فضيلتها، فيتداركها في الركعتين الباقيتين، فصار كما لو ترك "سورة الجمعة" في الركعة الأولى من صلاة الجمعة يقرؤها مع "سورة المنافقين" في الثانية.

وقال أبو حنيفة -رحمه الله-: ما أدرك المسبوق مع الإمام آخر صلاته الإمام، وما

<<  <  ج: ص:  >  >>