متلاحقتين، وهما خارج المسجد فأخبراهم بالحال ولم يعرفا أن المتقدمة تكبيرة من؟ فلا يخرجون عن العهدة أيضاً، لما ذكرنا في الرابعة، وقد نقل خلاف المزني هاهنا أيضاً، ثم ماذا يفعلون؟ فيه قولان:
أظهرهما: في "الوسيط" أنهم يستأنفون الجمعة إن بقى الوقت؛ لأن الجمعتين المفعولتين باطلتان غير مجزئتين؛ وكأنه لم يقم في البلدة جمعة أصلاً.
والثاني: وهو رواية الربيع بأنهم يُصَلُّون الظُّهْرَ؛ لأن إحدى الجمعتين صَحِيحة في علم الله تعالى، وإنما لم يخرجوا عن العُهْدَة للإشكال (١).
قال الأصحاب: وهذا هو القياس.
هذا تمام الصور وهي يأسرها مذكورة في الكتاب، ولهذه الصور الخمس نظائر في نكاحين عقدهما وَلِيّان على امرأة واحدة، وستأتي في موضعها -إن شاء الله تعالى- وإن أردت حصرها قلت: إذا عقدت جمعتان فإما أن لا يعلم حالهما في التَّساوق والتلاحق، أو يعلم، وعلى هذا فإما أن يعلم تساوقهما أو سبق إحداهما على الأخرى. وعلى هذا فإما أن يعلم ذلك في واحدة لا على التعيين، أو في واحدة معينة، وعلى هذا فإما أن يستمر العلم أو يعرض التباس، ثم قال أصحابنا العراقيون: لو كان الإمام في إحدى الجمعتين في الصور الأربع الأخيرة ترتب على ما ذكرنا في الصورة الأولى إن قلنا: الصحيحة هي التي فيها الإمام مع تأخيرها، فهاهنا أولى، وإلا فلا أثر لحضوره والحكم كما لو لم يكن مع واحد منهما.
وبه قال أحمد خلافاً لأبي حنيفة، حيث قال: تنعقد بأربعة أحدهم الإمام، واختلفت رواية أصحابنا عن مالك، فمنهم من روى عنه مثل مذهبنا، ومنهم من روى أن الاعتبار بعدد يعد بهم الموضع قرية، ويمكنهم الإقامة فيه، ويكون بينهم البيع والشراء، ونقل صاحب "التلخيص" قولاً عن القديم: أن الجمعة تنعقد بثلاثة إمام ومأمومين، وعامة الأصحاب لم يثبتوه.
لنا: ما روي عن جابر -رضي الله عنه- أنه قال: "مَضَتِ السُّنَّةُ أنَّ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ